صلاح السقلدي يكتب:
الجنوب.. مرحلة حاسمة لاستعادة الحقوق ووقف نهب الثروات
الأحداث الأخيرة بالجنوب، برغم قسوتها ومرارتها على الجميع، إلّا أنها استطاعت أن تحرك كثيراً من المياه الراكدة، وتدشن مرحلة حاسمة من استعادة الحقوق إلى أصحابها -وبالذات الحقوق المعيشية كاستعادة جزء من الثروات المنهوبة التي ظلت قوى النهب تصادرها طيلة ربع قرن مضى وخصوصاً في محافظات النفط.
فهذه الأحداث أشعلت من جديد جذوة الرفض الشعبي في حضرموت بوجه النهابين، وبدأت المحافظة تمضي بالاتجاه الصحيح كخطوة أولى في طريق الألف الميل لاستعادة كل الحقوق المصادرة.
وكذا الحال في شبوة، فبرغم هزالة ما يتم هناك من مشاريع، والتي تتم من باب المناكفات السياسية وعلى طريقة إغاظة الآخر، إلّا أنها تعني أن المحافظة عازمة على انتزاع حقها ولو عنوة من بين مخالب اللصوص وأنياب الحرمية.. والأيام بيننا.
فالسلطة اليمنية الهاربة في الرياض وقعَــتْ في الشَّرَك الذي نصبت حبائله لخصومها ذات يوم في عدن وحضرموت وشبوة، حين ظلت تتخذ من مسألة إعادة الخدمات إلى سابق عهدها ورقة مساومة سياسية مقيتة، وتتملص بخبث من تطبيع الأوضاع خشية من أن تطبيعها واستباب الأمن واستمرارية الخدمات قد يؤدي إلى انصراف النخب الجنوبية إلى المطالب السياسية.
فهذه الحكومة رأت أن إشغال الناس بمتطلبات حياتهم اليومية سيعني نسيانهم لأية حقوق سياسية أو على الأقل تأجيلها إلى حين.
ولكن السحر انقلب على الساحر، فبدلاً من أن يتم إخضاع الناس وإسكاتهم تحت وطأة انعدام ضروريات الحياة فقد انتفضوا بوجه من تسبب بها، وكانت النتيجة كما شاهدنا-أحداثاً دراماتيكية لم تخطر على البال ولم ترد على الخاطر-!
لم يتوقف الأمر عند هذا فحسب، بل إن الورقة اللئيمة الأخرى التي ظلت هذه السلطة تستخدمها بوجه الجنوب، ونقصد بها ورقة التهديد الموسمية التي تستخدمها عند كل تحرك جنوبي سياسي وعلى الأرض، (ورقة التهديد بفصل حضرموت وعدن عن الجسد الجنوبي)، فها هي حضرموت اليوم تضربهم تحت الحزام دون شفقة بقيادة محافظها الجسور اللواء البحسني، وتثور لاستعادة حقها المنهوب من الثروات – وكلنا نعلم ماذا يعني هذا التوجه الحضرمي وماذا يعني إغلاق صنبور النفط والغاز بالنسبة لقوى النهب والتفيد-، مما شكل صفعة غير متوقعة، خصوصاً أنها تأتي بهذا الوقت ومن رأس قيادة المحافظة.
يقيني اليوم أن هذه القوى الطائشة تعض أصابع الندم جرّاء حماقاتها بالتلاعب بورقة الخدمات في عدن التي كانت سبب طردها، وتتحسر من غبائها بإثارة النزعة الاستقلالية لحضرموت عن عدن، وتحاول عبثاً أن تتدارك الوضع.
فقد أتت الرياح بعكس ما تشتهيه سفنها التائهة.. فيا للوقعة.
ختاماً.. الفرق بين الذكاء والغباء، هو أن الذكاء له حدود.