د.علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
شبوة في عين العاصفة (الحلقة الأولى)
شبوة تاريخيا هي بوابة الجنوب العربي والأصالة والشجاعة ورمانة الميزان والثروة والتاريخ والحضارة ولكنها لا تخلو من الخونة والمأجورين ،وهذا ما تؤكده الأحداث والوقائع فهل يعيد التاريخ نفسه اليوم في شبوة مع حفيد الشيخ محسن بن فريد "الشيخ صالح فريد " الذي يجابه وحيدا كل هؤلاء الخونة مع اختلاف الظروف السياسية والدولية على الأرض اليوم ..بالتأكيد نعم هناك تحولات جذرية وتدخلات إقليمية ودولية ولنعيد قراءة التاريخ بحيادية وموضوعية..ولتصمت الأصوات النشاز التي توزع التهم بالمجان للمقاومة في شبوة وعلى رأسها الشيخ صالح بن فريد الذي قاد المقاومة في شبوة في أوقات عصيبة وواجه الموت ومعه نخبة من شباب شبوة بمفردهم في وقت كان البعض يتدثر بالبطانيات خوفا ورعبا من هول المعارك ، وتنهال سهامهم عليه اليوم
ولنأخذ العبرة من التاريخ :
كما حدث عام 1938م عندما فشلت قوات الإمام يحيى بن محمد حميد الدين في عقد صفقة مريبة مع الشيخ علي بن ناصر القردعي لغزو شبوة العاصمة التاريخية القديمة لمملكة حضرموت ؟؟
عندما كان القردعي مسجونا في صنعاء وأمده الإمام بقوة مكونة من (500 مقاتل) و700 جمل ورشاشين تركيين قديمين ؟!!
وتم للغزاة ما أرادوا وسيطروا على شبوة التاريخية لأنها خالية من أي مراكز حراسة لبريطانيا آنذاك، وكان خوف الانجليز أن يتمكن القردعي من قطع الطريق
بين حضرموت واليمن ويسيطر عليه ويمد القبائل بالسلاح والعتاد في العوالق وبيحان ومرخه ومن ثم سيتجه غربا ويقطع الطريق إلى بيحان من جهة الجنوب إضافة إلى ذلك كله يعتبر الانجليز شبوة غنية بالبترول .
ومن المعروف أن هناك وثائق تاريخية موقعة بين السلطان صالح بن عبد الله العولقي والشيخ محسن بن فريد من جانب وآل بريك والكرب مشايخ شبوة من جانب آخر على أن أراضي شبوة وما فيها من معادن وكنوز تاريخية وثروات مدفونة في باطن الأرض بأنها مناصفة بينهما ،وكانت العلاقات بين الطرفين جيدة حتى ذلك الوقت عام 1938م ..في الوقت الذي لم تكن شبوة قد خضعت أو وقع شيوخها أي معاهدة مع الانجليز !!
علاوة على ذلك كانت علاقات السلطان عوض بن صالح العولقي سيئة مع بريطانيا منذ توليه حكم السلطنة العولقية عام 1934م خلفا لأبيه السلطان صالح بن عبد الله العولقي ، وكان السلطان عوض ومنذ بداية حكمه يرفض أوامر بريطانيا رغم أن الأخيرة تدعي سيطرتها على شبوة على اعتبار أنها جزء لا يتجزأ من بلاد العوالق العليا المشمولة بالحماية البريطانية !!
إلا أن السلطان رفض الخضوع للضباط المكلفين من بريطانيا والاتصال به لاتخاذ موقف من الشيخ القردعي وقواته والتعاون مع الحكومة البريطانية لإخراج القردعي وقواته من شبوة بقبائل العوالق .
كما رفض السلطان عوض التجاوب مع القاضي محمد بن عبد الله الشامي عامل البيضاء ..رغم الاتصالات السرية التي تمت على أساس أن يكتب السلطان عوض شهادة يتنازل بموجبها عن أية حقوق تاريخية في شبوة !!
وقد أدار تلك الاتصالات السيد ناصر بن محسن عاقل مرخة .
وفي 17/9/1938م أرسلت الحكومة البريطانية أحد ضباطها لاستطلاع الموقف ،واجتمع في بيحان مع الشريف صالح بن حسين الهبيلي وعمه الشريف عوض بن أحمد الهبيلي للتشاور في طريقة إخراح القردعي وقواته من شبوة بواسطة قبائل العوالق العليا وبيحان ..وبناء على ذلك فقد أرسلت بريطانيا أحد ضباطها السياسيين إلى بلاد العوالق العليا يحمل كتابين إلى كل من :
السلطان عوض بن صالح العولقي ،والشيخ محسن بن فريد العولقي تحثهما على التدخل بقوات عولقية لإخراج القردعي وقواته من شبوة على اعتبار أنها جزء من الأراضي العولقية المشمولة بالحماية البريطانية ، وقد وصل الضابط السياسي إلى نصاب عاصمة السلطنة العولقية والى الصعيد عاصمة مشيخة العوالق العليا وسلم كتابين إلى السلطان عوض بن صالح وآخر للشيخ محسن بن فريد الذي قام بإرسال نجله الشيخ رويس بن محسن إلى نصاب لمقابلة الضابط السياسي الذي دعا السلطان للاجتماع بهما معا ،إلا أن السلطان عوض رفض مقابلة ضابط حكومة بريطانيا ،كما رفض إرسال قوات عولقية إلى شبوة . وعاد الضابط المذكور إلى عدن حاملا رسالة عنيفة من السلطان عوض للحكومة البريطانية !!
ووجد الشيخ محسن بن فريد في موقف السلطان عوض المتصلب ذريعة للامتناع عن المشاركة بأي قوات عولقية لاستعادة شبوة . وعند عودة الضابط السياسي إلى عدن وإبلاغه الحكومة البريطانية في عدن بموقف السلطان والشيخ الذي أحدث صدمة لدى المعتمد البريطاني وأعوانه مما حدا بالحكومة البريطانية إلى دراسة إمكانية الرد بعقاب أمراء العوالق ...إلا أبريطانيا تجاوزت ذلك حتى لاتوسع دائرة العداء ..فقامت بإرسال أحد ضباطها السياسيين إلى بيحان في 31/10/1938م فاجتمع بالشريف حسين وشيوخ المصعبين وبلحارث لدراسة الهجوم على شبوة إلا أن سؤ العلاقات بينهم وبين الحكومة البريطانية وشريف بيحان من جهة ورفض العوالق المشاركة في تلك الحملة أدى إلى عرقلة الخطة ، مما دفع بالضابط السياسي إلى إرسال رسالة إلى شيخ الكرب في شبوة يطلب منه الوصول إلى بيحان للمفاهمة ،وقد أرسل أبن أخيه .
وعلى الفور قام الضابط السياسي بإرساله إلى عدن ومعه الشريف عوض بن أحمد الهبيلي والشيخ علي بن جريبة الحارثي للتشاورمع الحكومة البريطانية في عدن في 5/11/1938م،وقد عادوا في 17/11/1938مع سبع طائرات بريطانية تنقل جنودا من الحرس الحكومي مع أسلحة وذخائر للزحف على شبوة .
وفي 18/11/1938م تم إصلاح مطار النقوب في بيحان تمهيدا للعمليات الحربية في شبوه .
وفي 22/11/1938وصل الضابط البريطاني "ديفي "مع عشرين جنديا من الحرس الحكومي مع مدافع ورشاشات وذخائر .
وفي 23/11/1938م وصل الضابط هاميلتون قائد الحملة العسكرية ومعه ثلاثين جنديا من الحرس الحكومي على رأسهم علي بن محمد مجور العولقي .
وفي 25/11/1938م زحفت تلك القوات بقيادة هاميلتون والشريف عوض مع أعداد كبيرة من قبائل بيحان ووصلت شبوة بعد ثلاثة أيام واستولت عليها دون طلقة واحدة ،حيث أرسل هاميلتون رسالة إلى الشيخ القردعي يطالبه فيها بالاستسلام مهددا إياه بالهجوم من الجو والبر..وتم له ما أراد باستسلام القردعي الذي طلب من قواته المغادرة إلى اليمن ..ونقل جوا إلى عدن ومن ثم أرسل إلى بلاده !!
وإلى اللقاء في الحلقة الثانية
د. علوي عمر بن فريد
وإلى اللقاء في الحلقة الثانية .