صلاح السقلدي يكتب:

القضية الجنوبية ومكائد الإصلاح

الخلاف ليس حول عودة الميسري ومن معه من الجنوبيين، فلم يتم إخراجهم عنوة حتى نتحدث عن العودة من عدمها.

فهم وبرغم انحيازهم إلى جانب سلطة وحكومة تحارب الجنوب جهرة، وبرغم تنصلهم عن الاتفاق الذي أبرمه الميسري مع قيادات الانتقالي لاحتواء الوضع قبل تفجره بدماء جنوبية، نقول إنه برغم ذلك لم يتم إرغامهم على الخروج، ولا يمنعهم بالتالي أحد من العودة كجنوبين -فهذا وطنهم وربعهم- وليس كمسئولين سياسيين بحكومة وسلطة تواصل إعلان عدائها الصريح للجنوب وترفض مجرد الحوار معه!

الخلاف معه، أي الميسري وغيره من الجنوبيين، يتمحور حول نقطة واحدة وهي محاولة إعادة القوات العسكرية والجماعات المسلحة الشمالية إلى الجنوب، فهذه العودة المسلحة يتم رفضها والتصدي لها كون لها غرض لئيم يعلمه الجميع وأولهم الميسري.

فالرفض الجنوبي هنا له ما يبرره وزيادة، حيث وإن القضية الجنوبية لم يتم حلها بعد، ولم يتم الاتفاق على شكل الدولة المستقبلية ومصير الجنوب، بل وحتى لم يتم الاعتراف بها كقضية سياسية وطنية تستحق أن توضع فوق الطاولة، فما تزال الأطراف ترفض حتى مجرد الجلوس على طاولة واحدة مع كل جنوبي يتبنى القضية الجنوبية تبنياً حقيقياً.

ففي ظل ظروف كهذه فإن القبول بدخول هذه القوات فضلاً عن المشاركة بإدخالها إلى الجنوب هو الخذلان والجنون بعينه، كونه يعني بالضرورة تمكين الاحتلال من الجنوب مرة أخرى.

من يقبل هذا بالله عليكم؟ّ! فكيف لا يمكن التوجّــس من تحركات هذه القوات الهائلة النظامية وغير النظامية ومن نوايا أصحابها وممن يساندها من الجنوبيين وهي تندفع بتلك السرعة وبتلك الضخامة والتسليح وفي وقت ما زال الحل السياسي غائباً أو بالأحرى مغيباً عن قصد، بل قل وفي ظل إصرار هذه السلطة على تنفيذ مشروعها السياسي بكل عجرفة.

وفي وقت يُــقتل فيه كثير من الجنوبيين وهم يقاتلون شمالاً بصف سلطة تيمم وجهها العسكري جنوبا؟!

..قليلاً من العقل مطلوب.

وعلى صعيد متصل.. يقول القيادي الإصلاحي، غمدان الشريف: (من يعيق توقيع اتفاق جدة هو الطرف الذي رفض المبادرة الخليجية).

- تقصد المبادرة التي اعتبرها حزبكم مؤامرة سعودية؟

للتذكير يا هذا: حين فررتم كالجرذان المذعورة مِـــن صنعاء واستقبلكم الجنوبيون -بمَــن فيهم الذين تحرّضون اليوم ضدهم- كانت المبادرة الخليجية حينها موجودة أصلاً، وكان للجنوبيين نفس الموقف منها، ومع ذلك لم تتذكروا حينها موقفهم من تلك المبادرة لأنكم كنتم بحالة هلع وبحاجة للجنوبيين لستر عورتكم المكشوفة.

وتتذكرونها اليوم لحاجة هي في نفسوكم.

فهل كنتم على وفاق مع الأطراف والشخصيات الأخرى – جنوبية وشمالية- التي رحبت بهذه المبادرة؟ أبداً، لقد خضتم وما زلتم معها أشدّ الخصومة.

فحشر موضوع المبادرة الخليجية الآن في خِــضم الحديث عــن حوار جِــدة هو أسلوب يطفح شيطنة وخبثاً ووقيعة، فالمقصود منه هو تحريض السعوديين بوجه الجنوبيين، وإفهامهم بأن الجنوبيين - والمجلس الانتقالي بالذات - يرفضون مبادراتهم السابقة ويقفون بوجه أي حلول تطرحها السعودية اليوم!

وبالتالي فالغرض الذي يودُّ أن يبلُـــغه حزب الإصلاح من هذه المكائد هو مواصلة الضغوطات على الطرف الجنوبي بالحوار -المتعثر- بجدة لانتزاع ما يمكن انتزاعه من تنازلات قبل أي اتفاق.

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك