مصطفى النعمان يكتب:

"الشرعية الرخوة" والوزراء المتجولون

أغلب وزراء "الشرعية الرخوة" ورئيس الحكومة يعملون بطريقة الباعة المتجولين، فلا مقر معروف سوى الفنادق التي يقيمون فيها، ولا عمل يساوي الراتب الذي يتلقونه، وهم موزعون على عواصم الأرض مع أسرهم، ووكلاء الوزارات ليسوا افضل حالًا.. والمهمة الوحيدة التي يتقنونها جميعاً هي نقل تحيات الرئيس والعمل بتوجيهاته.

يحدث هذا والرئيس نفسه لا يظهر إلا مع الوفود الأجنبية!

المثير للسخرية هو انتقال عدوى نقل تحيات الرئيس والعمل بتوجيهاته إلى مجلس النواب الذي يفترض أن لا سلطة لاحد عليه إلا الناخبين.

المؤسسة الوحيدة النشطة والفاعلة هي مدير مكتب الرئيس وأنجاله، ومن تبقى من موظفي الشرعية ينتظرون ما يؤمرون به.

والذين دبجوا مقالات المديح والثناء لاتفاق السلم والشراكة مع الحوثيين في 21 سبتمبر 2014، هم أنفسهم أو على أقل تقدير تلامذتهم النجباء بدأوا على استحياء الترويج لاتفاق قادم بين "الشرعية" و"الانتقالي" وتذكيرنا بأن كله يصب في مصلحة الوطن ومن أجل مواجهة العدو المشترك.

اعتادت "الشرعية الرخوة" الصراخ والزعيق والتحدي وإعلان الرفض لتآكل سلطاتها.

لكنها في النهاية توقع حتى وإن تأخرت في ذلك، ولن يختلف الغد عن اليوم والأمس لأن العمل السياسي منذ فبراير 2012 يديره الرئيس ومكتبه.

أعلم أن الثوار سيقولون إن صالح كان يفعل نفس الصنيع، وهذا صحيح لا غبار عليه.

الفارق الجوهري هو أن في عهده كانت هناك معارضة وصحافة تنتقد وتقاوم وتحتج...

اليوم لا صحافة ولا معارضة ولا احتجاج تحت يافطة الشعار البالي "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة".. لكن الواقع هو أن قيادات المعارضة القديمة صارت كلها في هيئة مستشاريه وتقتات من مكرمات الرئيس ورضا مكتبه عنهم.

وليس مهماً التوقيع على أي ورقة لأن التاريخ يقول إن أي اتفاق يستند إلى ضعف الجميع الآني لا يستمر، وهو سياسياً ترحيل لأزمة لم يتناول فيها الوسطاء جذورها.

سيوقع من اعتقد أنه انتصر وطرد خصومه مع الذي أعلن أنه سيعود بعد أن قُطعت أوردته، وسيتعانقون وسيزايدون بوطنيتهم ونزاهتهم على كل الذين لم ينغمسوا معهم في الملهاة، هو صراع من أجل السلطة وليس من أجل اليمن.

ختاماً.. ‏لماذا يُكثر المسؤولون العرب من مدح حكامهم وقياداتهم؟ لماذا يسرفون في الحديث عن مزاياهم؟ هل هي ظاهرة عربية ناتجة عن الخشية من فقدان الوظيفة؟ أم هي تعبير صادق عن المشاعر التي تنتقل من حاكم إلى خلفه؟

‏أن تمتلك الحكومات صحفيين وكتاباً تجزل لهم العطاء ليكونوا "شعراء بلاط" أمر اعتاده الوعي العربي دون غضب ولا مقاومة.

لكن كبار المسؤولين تفوقوا في المديح والإشادة بشجاعة المسؤول الأعلى ومواهبه وذكائه وقدراته ومعجزاته.

هذا السقوط هدفه الوحيد: البقاء في الوظيفة أو الحصول عليها.