صلاح السقلدي يكتب:

مكاسب وخسائر الانتقالي من اتفاق الرياض

مكاسب المجلس الانتقالي الجنوبي التي حققها باتفاقه مع الحكومة اليمنية بالسعودية -إن صحت البنود المسربة للإعلام- يمكن إيجازها بالتالي:

1-خلَــتْ بنود الاتفاق من أية إشارة للمرجعيات الثلاث، باستثناء ما ورد بالديباجة كتذكير من التحالف على التزامه بها، فهي التي يستمد منها شرعية تدخله بالحرب، ولم تُــدرج ضمن البنود التي اتفق عليها الطرفان.

2- تم قرن المجلس الانتقالي كنظير وند سياسي للسلطة اليمنية، وهذا يبدو واضحا برأس أول ورقة وما تلاها من إشارات.

3- فرض الاتفاق حق المناصفة بالمناصب بين الشمال والجنوب ومناصفة وزارات الحكومة القادمة – ولنا في هذه النقطة وقفة لاحقة.

4- تم فرض المجلس الانتقالي الجنوبي دون غيره كشريك جنوبي بطاولة أية تسوية سياسية شاملة في قادم الأيام.

5- أكـــدَ الاتفاق أن لا مناصب وزارية لمَــن كانوا سبباً بالتحريض والاقتتال الأخير.

6- سلب الاتفاق من الشرعية حق التصرف والإشراف على القوات العسكرية بمحافظات الجنوب، وعهد بالمهمة للتحالف أو بالأصح للسعودية، كونه لم يعد هناك وجود للتحالف عمليا بعد أن سحبت الإمارات جُــل قوتها، وهذا السلب سيقوض من حضور الشرعية ويحتفظ للانتقالي بحُـرية لا بأس بها بالبقاء على الأرض كقوة عسكرية كونه يقف ويتحرك في حاضنته الشعبية والسياسية.

7- أجبر الاتفاق كل القوات التابعة للشرعية التي تحركت مؤخرا صوب شبوة وأبين وعدن بأن تعود أدراجها، وحل محلها قوات أمن محلية بالمحافظات.

لكن ما هي أصعب الالتزامات على عاتق الانتقالي بهذا الاتفاق؟ سنتعرض لهذا لاحقا، فهناك دون شك نقاط خطيرة سجلها الطرف الآخر بمرمى الانتقالي، قد تصيبه بمقتل -بحسب ما تم تسريبه من بنود طبعا-.

وهنا سنتوقف أمام خسائر الانتقالي من اتفاق جِــدة:

أشرنا سابقا إلى المكاسب التي من المتوقع أن يكسبها المجلس الانتقالي الجنوبي من هذا الاتفاق.. ونشير هنا إلى ما نتوقعه من خسائر ومضار قد تلحق به جرّاء هذا الاتفاق "المفترض"، نوجزها بما يلي:

- لم يتطرق الاتفاق -أو بالأحرى ما تم تسريبه من بنود- إلى وضع القوات العسكرية في حضرموت وهي في أغلبها إن لم نقل جميعها تدين بالولاء للشرعية أو قل للإصلاح حتى نكون أكثر دقة بالتوضيح، فبقاء هذه القوات كما هي بمواقعها بمحافظة مهمة كحضرموت يعني أن الجنوب سيظل تحت هيمنة هذه القوات، وفي محافظة تعتبر هي دُرّة التاج الجنوبي بامتياز، فلا جنوب بدون حضرموت... حقيقة لا جدال فيها.

- تحدث الاتفاق عن ضرورة إدماج القوات المسلحة الموالية للانتقالي في صفوف الجيش المسمى بالوطني لتكون تحت إشراف وزارة الدفاع، وهو أيضا جيش نظري يهيمن عليه حزب الإصلاح بشمولية واضحة، مما يعني في حال تمت عملية الدمج –وهي على كل حال عملية صعبة التحقيق- أن الانتقالي سيكون منزوع الأنياب والمخالب، وتحت رحمة الخصوم، مما يعني بالمحصلة فقدانه للمكاسب السياسية التي تحققت تحت ظلال البندقية الجنوبية خلال الخمس السنوات الفارطة.

- منـــحَ الاتفاق للرئيس هادي حرية اختيار الحكومة والمحافظين بالجنوب الذين سيعينهم وفقا لهذا الاتفاق والذي نص على الشراكة 50% لكل طرف، دون أن يشر الاتفاق الى إشراك الانتقالي بهذا الاختيار، وهذا يعني أن التعيين سيكون من نوع سياسي واحد هو الشرعية والإصلاح والفئة الجنوبية النفعية المحيطة بالرئيس هادي بمن فيه بالطبع نسبة الـــ50 المحسوبة على الجنوب، باستثناء صعوبة أن يفرض هادي على الانتقالي الوزراء الذين سيكونون من الحصة المخصصة حصرياً للمجلس.

- أحد بنود الاتفاق أشار إلى مصادرة التحالف في عدن جميع الأسلحة الثقيلة من دبابات وعربات ومدفعية وكاتيوشا وهاون وصواريخ حرارية بل وحتى الأطقم.

فالمستهدف من هكذا عملية نزع هو الانتقالي بشكل مباشر، فالشرعية لا تمتلك أسلحة من هذا النوع في عدن حتى يمكن الحديث عن نزعها منها، بل تكاد تكون لا تمتلك في عدن طقماً واحداً -في الوقت الحالي على الأقل-.

- انضواء القوات العسكرية الجنوبية في لحج وأبين تحت لواء وزارة الدفاع "وزارة المقدشي".

وهذا البند يعزز ما ذهبنا إليه من أن النية التي تبيتها السعودية والحكومة اليمنية الموالية لها هي تقليم أظافر الانتقالي وسلب الجنوب بالتالي بندقيته ومشروعه السياسي.