نورا المطيري تكتب:
"الجنوبي" في اتفاق الرياض
باعتبار متابعتي الدائمة لملف اليمن، كباحثة سياسية، وعقب توقيع مسودة اتفاق الرياض، الأسبوع الماضي، أجريت مكالمة هاتفية صحفية مع القائد عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وجرى حديث موسع اشتمل على محاور عدة، من أبرزها استطلاع رأي الجنوبيين، في مرحلة ما قبل وأثناء حوار جدة، وصولاً إلى اتفاق الرياض، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تقرر يوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2019، برعاية خادم الحرمين الشريفين وبقيادة الأمير محمد بن سلمان وحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد والرئيس عبدربه منصور هادي.
تحدث الزبيدي بوضوح عن مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي السیاسي وتطلعات شعب الجنوب العربي بأنها لا تتعارض مع أهداف التحالف العربي في اليمن عموماً. ومع بناء أرضية مشتركة للحوار، إلا أن وجود أطراف لا یروق لها نجاح مساعي السعودیة، ودعم الإمارات للحوار، على رأسها «جماعة الإخوان» المتمثلة في حزب الإصلاح، التي حاولت وتحاول إفشال أي جهود سیاسیة أو تقدم في ملف قضیة الجنوب، لارتباطهم بأجندات معادیة للتحالف العربي، جعل مهمة الجنوبي مضاعفة، بالصبر والثبات.
عكس اللقاء الهاتفي مع اللواء الزبيدي مدى انفتاح المجلس الجنوبي على أي جهود تصب في تثبیت الأمن والاستقرار في المنطقة، ورفع المعاناة عن الجنوب العربي خاصة واليمن عموماً، وعن أهمية إنجاح مشروع التحالف العربي في كبح میلیشیا الحوثي المدعومة من إیران، بما لا یتعارض مع ثوابت قضیة شعب الجنوب، ولكن «الغصة» في صوت الزبيدي، بدت حين تعرضنا للحديث عن الأصوات التي خرجت على الشرعیة، كالمیسري والجبواني، فقال: «إن الاتفاق يقضي بتشكيل حكومة جدیدة یُستثنى منها كل العناصر المأزومة التي تسببت في التحریض وسفك الدماء وإشعال الفتنة».
في ذلك اليوم، الذي جرى فيه الاتصال الهاتفي مع القائد عيدروس، كانت الإمارات تعلن عودة قواتها العاملة في عدن بعد إنجاز مهامها العسكرية وتحريرها وإنقاذها من براثن الحوثية الإرهابية، عودة شهد العالم أنها مليئة بالشرف والفخر، فعلق الزبيدي على ذلك وقال: «الإمارات قدمت دماء أبنائها على أرضنا، ومن یقدم دمه لن یبخل بشيء آخر، وستبقى بصمة الإمارات حاضرة في الجنوب دائماً، بصمة التضحیة والبناء والتنمیة».
تحدثت مع القائد الزبيدي حول ما يسمى بـ«إعادة التموضع» وعلاقتها بالحوار مع الشمال، فذكر أن الإمارات عضو أساسي في التحالف العربي، ومسألة إعادة التموضع والانتشار یأتي في إطار ترتیبات خاصة بالتحالف العربي، لكن لا علاقة للأمر بالحوار الذي رعته السعودیة. وقال: «نحن في المجلس الانتقالي الجنوبي وخلفنا شعب الجنوب نكن كل الحب والتقدیر لدولة الإمارات ولن ننسى جهودها وتضحیاتها في بلادنا».
يرى المراقبون صعوبة تنفيذ اتفاق الرياض في ظل وجود أطراف في الشرعية مصرّين على إفشال الصلح والاتفاق وبدا أنهم أكثر إصراراً على إفشال مرحلة التنفيذ، ولكن الزبيدي أكد أن هناك لجنة مشتركة مكونة من المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعیة الیمنیة بإشراف التحالف العربي، ستكون معنیة بمتابعة تنفیذ الاتفاق وتفسیر نصوصه، كما نعول على الشرفاء والعناصر الوطنیة داخل الشرعیة.
وقال الزبيدي: «لا شك أن النجاح في تنفیذ اتفاق الریاض سیكون له أبلغ الأثر في تحقیق قدرتنا على تحقیق المزید من الانتصارات، وتوحید الجهود ضد میلیشیا الحوثي المدعومة من إیران وهذا لن یتأتى بدون محاربة الفساد واقتلاعه ومعالجة أسباب الفشل الذي لازم قیادة الشرعیة في الفترة الماضیة».
يرى الزبيدي أن اتفاق الریاض یؤمل علیه الكثیر، وأنه بمثابة خارطة طریق مرحلیة لإعادة الأمور إلى نصابها في مواجهة الميلیشیا الإیرانیة، وهو أیضاً یمهد لحلول شاملة تقوم على أساس حل قضیة الجنوب بما یرتضیه شعب الجنوب ویحقق تطلعاته وأهدافه المشروعة التي یحملها المجلس الانتقالي الجنوبي.
* كاتبة وإعلامية