مصطفى النعمان يكتب:
اليمن.. التوجه نحو السلام
أصعب القرارات التي تواجهها أي حكومة هو قرار التوجه إلى السلام، خصوصاً إن لم تحسم الحرب الأهداف التي من اجلها انطلقت المدافع.
كان الدور العماني منذ بدايات الحرب في مارس 2015 واضحاً ورافضاً الانخراط فيها أو الدفاع عنها، وهو أمر يتسق مع مواقف السلطان قابوس وحكومته في تجنب الدخول في صراعات أو تنافسات أو تحديات، ومنحها ذلك قدرة الحفاظ على أمنها وتماسك مواقفها وجلاء رؤيتها.
وتعرضت عمان لكثير من التشكيك في توجهاتها الحقيقية، لكن ذلك لم يدفعها لإرضاء أحد على حساب قناعاتها وصلابة سياساتها.
اليوم يتفق الكل على حيوية دور السلطنة في مسارات السلام، لأنها تمكنت من إبقاء قنواتها مفتوحة مع الجميع.
وبالنسبة لاتفاق الرياض.. فقد أعدت قراءة الاتفاق أكثر من مرة، وكانت دهشتي تتزايد حين أتذكر مقدار البهجة التي عبر الطرفان اليمنيان فيها عن سعادتهما لهذا الإنجاز الذي يعكس ضحالة تفكيرهما وعظمة خيبتهما.!
حاول كل طرف موقع على هذه الوثيقة إقناع أنصاره بأن البنود هي خطوة على طريق تحقيق أهدافهم المعلنة، والتي من أجلها سفكت دماء اليمنيين على يد أشقائهم اليمنيين، وهم يرفعون رايات (اليمن الاتحادي) أو(الجنوب العربي) و(استعادة الشرعية) أو (إعلان الانفصال)، وشعارات كثيرة معلقة على الجدران وصارت خرقا بالية عديمة المعنى لا يلتفت إليها أحد ولا يهتم بفك طلاسمها ذكي.!
اليوم يقف الطرفان كما صار تعريفهما أمام أنصارهما لتحقيق أهداف متناقضة ولا يمكن التوفيق بينهما.. لكأنما جاء التوقيع على الاتفاق لهدف وحيد يتخلصان به من إحراج الرياض وضغطها.
تدعي الشرعية أن الانتقالي قبل المشاركة في الحكومة، واعتبرت هذا نصراً عظيماً تضعه شعارا لها أمام أعين أنصارها... ويقول الانتقالي: إن الشرعية اعترفت به شريكا في مفاوضات السلام القادمة وإنه وضع القضية الجنوبية على طاولة المباحثات.
هذا في علم السياسة اسمه خداع الناس.
الاتفاق جاء في نصوصه وغاياته لحل مشكلة جنوبية مع الرئيس الجنوبي، لأن الجميع يعلم أن المشكلة الجنوبية لم تكن يوما مقيدة بالتمثيل الحكومي لأن الأرقام تدحض هذا القول الساذج.. ولم تكن يوما غائبة لأن أحدا لم يعترف بها..القضية أبسط من ذلك بكثير!
هي قصة أزلية في صراع حول السلطة منذ 30 نوفمبر 1967، وكانت التصفيات البينية مشهدا متكررا لينفرد بعده المنتصر بالحكم.
الذين يتوقعون أن ينجز هذا الاتفاق معجزة فعليهم انتظار غودو.!