ضياء قدور يكتب:

الاعلام في خدمة الدكتاتور

عندما تفشل الدكتاتوريات في القضاء على معارضيها والخلاص منهم جسدياً، تسعى من خلال الاعلام لنشر الأكاذيب والشائعات المغرضة، لتشويه صورة هؤلاء المعارضين، وخاصة فيما إذا كان هؤلاء المعارضين يقودون موجة تغيير كبيرة تهدد بقاء الدكتاتور، ويتمتعون بقاعدة شعبية كبيرة مناصرة لأفكارهم التحررية.
 
 
 
العديد من الأمثلة في وقتنا الحاضر يثبت تلك الحقيقة، حيث تتركز جهود الدكتاتور من خلال الإعلام المدفوع على تشويه صورة هؤلاء المعارضين، وإيهام الرأي العام أنهم لا يملكون أي قاعدة شعبية داخلية، وذلك لتثبيت حقيقة عدم وجود بديل للدكتاتور، الذي يجب على الجميع القبول به والرضوخ له مهما كثرت مساوئه القبيحة.
 
 
 
وفي الوقت الذي يسيطر فيه الدكتاتور جميع مقدرات البلاد وثرواتها، يسعى من خلالها لتوظيف أكبر وسائل الإعلام العالمية، واستخدام جيش من العملاء على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأفكاره في حملة الشيطنة أو الحرب النفسية التي يقودها ضد معارضيه.
 
 
 
الدكتاتورية التي نتحدث عنها هنا هي دكتاتورية الملالي، التي تعيش، وفقاً لتصريحات أرفع مسؤوليها، أسوأ أيامها، وتعاني من أزمات داخلية وخارجية مزمنة، من الحراك الشعبي والانتفاضات الداخلية إلى العقوبات الأمريكية الخانقة المفروضة عليها خارجياً.
 
 
 
وبما أن التغيير والتحول الكبير يحدث على يد ثلة قليلة من الأشخاص المؤمنين بقضيتهم، كما أظهرت العديد من الحقائق التاريخية، لا يجد الملالي منازعاً ونداً حقيقياً لهم سوى جماعة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة.
 
 
 
فالعقوبات الدولية والأزمات الاقتصادية الخانقة لم تسقط أنظمة دكتاتورية على مدار التاريخ، وإنما أسقطتها مجموعة مؤمنة بثوابتها، وتحمل أفكاراً تقدمية يمكنها من خلالها تحريك شعب بأكمله ضد ذاك الدكتاتور.
 
 
 
هناك يكمن الخوف الحقيقي للملالي من منظمة مجاهدي خلق، وذلك بعد فشلهم من تصفية أعضاء وقيادات تلك المجموعة على مدار العقود الماضية، بدءاً من العراق في مخيم اشرف وليبرتي إلى ألبانيا وفرنسا حيث استقرت المنظمة هناك.
 
 
 
إذا أردنا التطرق لعدد العمليات الإرهابية التي نفذها نظام الملالي ضد هذه المنظمة خلال السنوات الماضية لن يكفينا سرد كتاب كامل.
 
 
 
تاريخ وسجل طويل من الأعمال الإرهابية الفاضحة والوحشية؛ آخرها كان محاولة تفجير تجمع المعارضة الإيرانية، الذي حضره آلاف من المعارضين الإيرانيين في باريس في عام ٢٠١٨.
 
 
 
لن أكون مبالغاً أو مزاوداً لو قلت أنه خلال المئة سنة الفائتة كان حجم الشيطنة ونشر الأكاذيب والافتراءات من قبل النظام الإيراني ضد هذه المنظمة لا يضاهي حجم الدعايات التي قادها غوبلز وزير دعاية هتلر، والعديد من الأمثلة تؤكد تلك الحقيقة.
 
 
 
بغض النظر عن كل ما يقوم به نظام الملالي على وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والتويتر وغيرها من تغريدات ومنشورات ملفقة وحسابات مزورة، لا يمكننا أن نتجاهل عدد المشاريع الصحفية والتلفزيونية التي نفذها النظام في العام الماضي باستخدام "شبكة المراسلين الصديقة" في وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية ضد المجاهدين، والتي نفذت بطريقة منسقة ومخطط لها ودفعت من أجلها أموال باهظة.
 
 
 
المشاريع الصحفية والتلفزيونية تخطت ال ٣٠ حالة، وهذا ما أشار إليه رئيس الوزراء البريطاني الحالي في أول خطاب له أمام البرلمان البريطاني، وقال بأن هناك مدفوعات مالية تقدم من الملالي من خلال Press TV  لشبكة التلفزيون التابعة لنظام الملالي في لندن.
 
 
 
وما يثير الشكوك والتساؤلات بشكل أكبر هي أن جميع تلك المدفوعات السخية في المملكة المتحدة كانت تحمل بصمة سفير النظام في لندن، وبصمة وزير الخارجية الإيراني ظريف شخصياً.
 
 
 
على ما يبدو أن طلاقة لسان وزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف، وحديثه اللغة الانكليزية كالبلبل، وكذلك أعطياته السخية المدفوعة من أموال ودماء الشعب الإيراني لم تترك مجالاً لكل من (القناة ٤ ، ايندبيندنت، الجارديان، آبزرور، والجزيرة الإنجليزية) للرفض.
 
 
 
وحتى يتم تعرية آخر غطاء يستر عورة تلك القنوات، لم يقبل أحد منها نشر ما لدى المعارضة الإيرانية من وثائق ومستندات تدين النظام، بل ولم يفسح المجال لها بالرد على تلك الادعاءات المفبركة بتاتاً.
 
 
 
منظمة مجاهدي خلق هي أكبر المجموعات الإيرانية المعارضة لنظام الملالي، وتحتوي على مجموعة ضخمة من الرجال والباحثين والمفكرين والساسة، الذين قد قطعوا عهداً على أنفسهم بالتجرد من كل ملذات الدنيا، والتفرغ لقضيتهم، وخدمتها على الوجه الذي يجعلك لا تصدق ما تسمع أو ترى بأم عينك، فالجميع بقناعة وعهد إلى أن تنتصر قضيتهم.
 
 
 
هذه الطهارة والقيم الرفيعة هي ما حاولت قناة البي بي سي مهاجمته خلال تقرير نشر لها قبل أيام، وقامت بترجمته للغات العربية والفارسية والانكليزية، معتمدة في تقريرها على تصريحات "عضوين سابقين" كان قد زرعهم الملالي داخل المنظمة للتجسس عليها، وذلك دون أن تذكر رداً واحداً، أو تطرح سؤالاً مفرداً، أو تجري مقابلة واحدة مع أصحاب العلاقة (منظمة مجاهدي خلق)، الذين هاجمتهم القناة بشكل سفيه في تقريرها.
 
 
 
من السخافة والقبح الشديد أن تظهر البي بي سي في تقريرها تلك القيم الرفيعة والسامية، التي تتحلى بها تلك المنظمة، على هذا الشكل السفيه والمتدني.
 
 
 
إن أشخاصاً مثل هؤلاء لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن ينتصروا على عدوهم نظام الملالي.
 
 
 
هكذا نموذج دفع العالم بعد نضال ثلاثة عشر عاماً إلى أن يرفعوهم عن قائمة الارهاب، وأن يفتح لهم كل مجالات العمل في العالم.
 
 
 
إن تلك المنظمة المناضلة تستحق منا كعرب كل التقدير والاحترام والدعم، وذلك لنبل قضيتهم وسعيهم للقضاء على أكبر وحش متعطش للدماء عرفته المنطقة نظام الملالي.