مصطفى النعمان يكتب:

لماذا يحب المواطن العربي الماضي؟!

مهمة كاتب الرأي الصادق أن يصارح الناس بالواقع، أما الساسة في الأغلب يحترفون عدم قول الحقيقة بل يتعمدون إظهار المزيد من التفاؤل حتى وإن كان ممزوجاً بالكذب والتزييف.

الكاتب يخون الحرف والكلمة والجملة حين يكذب ويُغّيب الحقيقة وينزلق في متاهات السياسيين، والأحقر حين يفعل من أجل المال فقط.

وفي واقعنا العربي.. لا تكاد تلتقي إنسانا عربيا إلا والشكوى من الأوضاع الحالية هي مقدمة الحديث.. ويقول: إن عهد الراحل كان أفضل!

فلماذا تدهورت الأوضاع إلى الحد الذي يفقد فيه المواطن العربي يقينه بأن القادم أفضل؟ ولماذا ينّشْد المواطن العربي دائما إلى حاكم سابق كان يطالب برحيله؟ من المسؤول الراحل أم البديل؟

الراحلون كانوا الأطول مكوثا في مواقعهم داخل بلدانهم، وكان من الطبيعي أن يكونوا نماذج للمقارنة، والمشترك أن أغلبهم حكم عبر مؤسسات أمنية وعسكرية في المقام الأول.. كانت أسرهم أو قبيلتهم أو منطقتهم أو طائفتهم هي الأكثر نفوذا وحضورا في المشهد.. وكان الموظفون البيروقراطيون مجرد أدوات لتسيير الشأن العام والخدمات المتاحة.

يكفي أن ننظر إلى أن بعضهم ترك بلده بمخرجات تعليم ركيكة وخدمات منهارة وإنتاج الكهرباء فيها ضئيل والمياه النقية منعدمة والمستشفيات تعيسة والمطارات بائسة.

لم يتركوا مؤسسات قادرة على النهوض باستقلالية.. الزموا الموظفين على انتظار توجيهات الزعيم الملهم والقائد المحنك..

صحيح أن الراهن المعاش أسوأ بكل المستويات، لكن أسباب ذلك سابقة وراسخة في السنوات والعقود الماضية.

إن على الذين يلعنون الحاضر البحث في جذور الأزمة وليس التمسك بنماذج يمكن بسهولة إدانتها.. وعليهم الاعتراف أن الكارثة لم تبدأ حين تركوا الحكم ولكنها بدأت مع وصولهم للسلطة.

ختاماً.. ‏يحكى أن مسؤولا كبيرا زار مستشفى في إحدى القرى.. وقال له المواطنون: لنا طلبان: أولهما طبيب مقيم، فتحدث فورا من هاتفه النقال ووجه بتوفيره على وجه السرعة.. الطلب الثاني انهم محرومون من تغطية للهواتف النقالة في قريتهم.!!

ذكرتني القصة بتوجيهات المسؤولين بسرعة تحقيق مطالب الناس ونشرها في وسائل الإعلام.