رسالة هامة إلى قادة الجنوب
تنظيم الإخوان.. أخون الشرعية: ماذا يريد من الجنوب؟
ذا تتبع اي " جنوبي وطني " الخط البياني التصاعدي الذي استهدف في الاساس تصفية "جوهر " قضية الجنوب والذي بدأت ملامحه تتضح خلال الأشهر القليلة الماضية على عدة مسارات وتوج بعزل محافظ عدن والوزير بن بريك , سوف يتوصل الى نتيجة منطقية ان كل ما حدث وما خطط له كي " يحدث في الجنوب " انما كان يسير وفق رؤية استراتيجية محكمة تهدف الى تحقيق هيمنة كاملة لتنظيم الاخوان المسلمين على الجنوب من خلال استخدام الشرعية اليمنية كأداة ووسيلة بعد ان تم " اخونتها " ومصادرة قرارها السياسي بالكامل لصالح هذ التنظيم عبر قوى اقليمية كبرى !
ويبدو الغضب الجنوني الذي واكب اعلان تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي على عدة مستويات رسمية وغير رسمية يشير بشكل واضح الى ان هنالك " خطة دقيقة " قد رسمت معالمها من قبل دول تدعم تنظيم الاخوان بدأت بحتمية اولية سعت الى تحقيقها ونجحت في ذلك وهي الحصول على مفتاح " القرار السياسي " الذي يملكه الرئيس هادي من خلال اول خطوة ضرورية وهي عزل نائبه المهندس / خالد بحاح الذي كان سيشكل عقبة كبيرة في كشف معالم هذه الخطة ! وحينما تمت تلك الخطوة بنجاح تلتها الخطوات التالية التي هدفت الى سلب القرار من يد الرئيس هادي لصالح هذ التنظيم الخطير من خلال اجراءات تم تنفيذها في الجنوب وتتخلص في تحقيق الأهداف التالية :
اولا : تمكين " الارهاب " من نشر الفوضى والموت عبر التفجيرات الانتحارية في مختلف مناطق الجنوب وخاصة في مراكز التدريب الرسمية للقوات المسلحة وقوات الحزام الأمني لغرض الحد من انخراط الجنوبيين في المؤسسات العسكرية وارهابهم بمثل تلك العمليات ..التي سارت في البداية كما خطط لها بالضبط والتي تمكنت فعلا من تحقيق اهدافها في المرحلة الاولى قبل ان تكبح جماحها وتسيطر عليها القوات المشتركة للحزام الأمني والكوادر الامارتية المتخصصة في مكافحة الارهاب وهنا اصيب التنظيم الاخواني في مقتل بما تحقق في الجنوب من نجاح منقطع النظير في السيطرة عليه الذي بدأ واضحا ان نشاطه قد اقتصر على الجنوب وحدها دون الشمال , لأن الجنوب كان هو الهدف ولا سواه .
ثانيا : العبث بالخدمات العامة وعلى رأسها الكهرباء والمياه والصرف الصحي باستخدام ادوات الدولة العميقة وموظفيها وسماسرتها التي تأتمر للمال الذي كان قد وظف بشكل كبير لغرض تحقيق هذا الهدف الخبيث , وقد شاهدنا جميعا بالأدلة القاطعة والملموسة كيف كان يتم العبث بالصرف الصحي والكهرباء على سبيل المثال .كما تم التلاعب بأهم مصدر لحياة المواطنين وهو مرتباتهم التي شهدت حالة من الفوضى والعبث الذي انتج حالة من الغضب العامة اريد لها ان تكون كذلك لتنعكس بالتالي على محافظ المحافظة الذي سيراه الشعب في عدن المسؤل الأول عن كل ذلك ! وهو ما سيمهد بعد ذلك للخطوة التالية .
ثالثا : حينما يصل الحال بالمواطن العادي الى درجة الغضب العارمة تجاه المحافظ وتحميله وحده مسئولية الفشل في مجابهة حالة الفوضى تلك التي تشهدها مختلف قطاعات الخدمات مع تهويل الاعلام الموجه لتلك الحالة , ستأتي الخطوة اللاحقة التي تقضي باقالة المحافظ من موقعه التنفيذي والاتيان بمحافظ جديد وبذلك يتحقق لتنظيم الاخوان هدفين رئيسيين :
1 – اقصاء قوى الحراك الجنوبي من موقع القرار وسحب البساط تدريجيا من هيمنتها المطلقة على مؤسسسات الدولة المدنية والعسكرية وان كان ذلك يقتضي في البداية تعيين محافظ جنوبي غير اخواني كالشيخ / المفلحي الذي سيكون امامه كما ذكرنا في مقال سابق خيارين لا ثالث لهما اما تنفيذ الخطة التي رسمها التنظيم كمايريدون بالضبط واما ان يعترض عليها ويمانع وفي هذ الحالة سيواجه قرارا بالعزل كمثل الذي واجهه سابقه عيدروس الزبيدي .
2 – تأسيس ارضية لها لوضع مخططاتها التصادمية قيد التنفيذ والتي ستجري خلال مراحل محدده لاحقة وبدرجات متفاوته من المواجهات التي ستكون مغطاه ومدعومه اعلاميا عبر شبكاتهم الفضائية والصحفية الضخمة جدا .
كانت هذه هي الرؤية التي تم الاتفاق على تنفيذها والتي لم يكتب لها النجاح وتحطمت على صخرة الارادة والصحوة الجنوبية التي ادركت هذه المخططات وتمكنت من مواجهتها بقوة عبر اعلان بيان عدن التاريخي كمرحلة اولى ثم عبر تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي انفرد في هذه المرة ضمن مهامه بخاصية ما كانت تذكر لدى تشكيل اي مكون جنوبي سابق – وهو ما يؤكد تحليلنا – وهذه الخاصية هي الحديث عن ادارة المجلس لشئون الجنوب !! .. ما يقطع الطريق على مطامع تنظيم الاخوان المسلمين التي كانت ترمي في الاساس الى التمكن من ادارة شئون الجنوب ! ولهذا لم نكن مستغربين ابدا ان يواجه اعلان تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي هذه الحالة الهستيريه الضخمة من المجابهة والشيطنة في وسائل الاعلام التي تدعم تنظيم لاخوان المسلمين وعلى رأسها بطبيعة الحال ( قناة الجزيرة ) القطرية التي كثفت تغطيتها الاعلامية على هذا الحدث بشكل لم يسبق له مثيل سوى حملات تغطيتها لمى سمي حينها ب " الربيع العربي " ! .
كما ان وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة في التويتر قد شهدت صراع غير مسبوق ما بين نخب خليجية محسوبه على الاخوان واخرى ليبرالية او وطنية مناهظة للتنظيم , بل يمكن القول ان ملف الجنوب قد حمل الى واشنطن بشكل رسمي وتحت عنوان عريض اما الجنوب المستقل واما تنظيم الاخوان المسلمين الارهابي !
في تقديري الشخصي ان المملكة العربية السعودية كانت تدرك ابعاد هذه المعركة والمخططات الاخوانية وما ترمي الى تحقيقه , ولكنها فضلت – في هذه المرحلة – لأهداف عاصفة الحزم ان ترجىء المواجهة مع التنظيم الى مرحلة اخرى ! في حين ان الذين راهنوا على ان موقفها هو داعم لهم في رفض اعلان المجلس سيخيب ضنهم بكل تأكيد , على اعتبار ان حتى بيان مجلس التعاون الخليجي لم يشر صراحة بالاسم الى المجلس الجنوبي وانما تحدث عن موقف عام يراه المجلس ذا اولوية في هذه المرحلة , كما ان الجديد في البيان الذي لم ينتبه له هؤلاء انه ولأول مرة منذ حرب احتلال الجنوب عام 1994 م يأتي بيان خليجي بذكر " القضية الجنوبية " في بياناته بشكل صريح وواضح !
الهدف الرئيسي لي شخصيا من هذ المقال هو لفت نظر الجنوبيين اصحاب القضية واصحاب الحق الى اهمية بل وحتمية النظر بعمق الى " حقيقة المعركة " التي تستهدف تصفية قضيتهم , ونحن نوجه هذا الكلام للأخوة الذي لهم موقف معارض من المجلس الانتقالي لهذا السبب او ذاك ! .. اذ عليهم اليوم ان يدركوا ان التغاضي عن هذه المواجهة الداخلية تمثل حتمية وطنية جنوبية على خلفية ما يمكن ان يكون بديل لهذا المجلس وهو سحب البساط من تحت قضيتنا بمعناها السياسي الذي ناضلنا من اجله وتمكين الاخوان منها , ويمكنني ان اعتبر هذا بمثابة المناشدة لجميع الأخوة القاد ان يدركوا ابعاد المعركة وحجم التناقضات الاقليمية التي تحتم عليهم قرائتها بشكل جيد والتعامل معها بحرفية سياسية عالية قادرة على التقاط الفرصة السانحة والتمسك بالشريك الاقليمي الحالي – الامارات العربية المتحدة - الذي من الواضح جدا انه يصارع قوى الاحتلال بالنيابة عنهم , و الذين فضلوا لأسباب خجولة ان يتخلوا عن فكرة دعم المجلس والوقوف الى جانبه وهو مجلسهم كجنوبيين , وفي تقديري ان المعركة لم تنتهي بعد وسوف تكشف زيارة الرئيس الامريكي / ترامب الى المملكة العربية السعودية عن مفاجاءات كبيرة اتوقع ان تكون قاصمة الظهر لتنظيم الأخوان الذي تم تقديم ملفات متكاملة الى واشنطن تثبت تورطه في عمليات ارهابية كبيرة