مصطفى النعمان يكتب:

اتفاق الرياض.. إلى أين؟

واضح الجهد الذي بذلته حكومة المملكة العربية السعودية لإلزام الطرفين (الحكومي والمجلس الانتقالي) بالتوقيع على اتفاق الرياض رغم انهما لم يلتقيا مباشرة لمناقشة بنوده، ولم يكن ممكنا ولا مسموحا ان تنتهي محاولاتها بالفشل بعد اشهر من الوساطة.

الاتفاق تمت صياغته بصورة غامضة تسمح بالتفسيرات المرنة التي ربما تتيح للمملكة مساحات من التحرك لتفعيله وانقاذه، لكن أهم شروط نجاحه مفقودة وهي رغبة الطرفين في التنفيذ وحجم الشكوك والنفور بينهما.

كان من المفترض ان تكون حكومة جديدة قد تم التوافق عليها، وان محافظا ومديرا لأمن عدن قد تم اختيارهما، وان محافظين جددا قد تم تعيينهم في بقية المحافظات الجنوبية، وان الأسلحة من الطرفين قد تم تسليمهم الى قيادة التحالف! ولكن شيئا من كل هذا لم يتحقق، وليس مرد ذلك هو عدم وضوح هذه البنود ولكنه حتما بسبب عدم الرغبة وكذا المماطلة في التنفيذ.

قبل اشهر من التوقيع الإجباري على الاتفاق كانت الأصوات داخل كيان الشرعية تصف المجلس الانتقالي بأنه مليشيا انقلابية يجب القضاء عليها، وكان الانتقالي يقول عن الشرعية انها قوات احتلال يجب ان تغادر الجنوب.. وسفكت دماء وفر مسؤولون كبار وارتفعت حدة تبادل الاتهامات... وفجأة تحول الحديث الى أهمية الاتفاق وأنه سيساهم في توحيد الصف ضد الانقلابيين في صنعاء!

لا شيء يتغير في اليمن... القدرة على القفز من معسكر الى آخر، ومن لغة الاتهامات الى لغة الأخوة، ومن مفردات التخوين إلى مفردات منح أوسمة الوطنية، ومن انكار الخصوم الى احتضانهم.

قد يقول البعض ان هذا واحد من تجليات السياسة، لكنه في الواقع افتضاح للذين يصرون على تمثيل هذا الطرف او ذاك، فكلاهما لا يهتم الا ببقائه في صدارة المشهد وان كان على حساب كرامته.

مراجعة بسيطة لتصريحات موثقة وتسريبات مؤكد مصدرها واتهامات مضادة، قبل الاتفاق وبعده ستجعل المرء محتارا في الصفة التي يمنحها الذين اطلقوها ودافعوا عنها وتصوروا انهم يضمنون بذلك رضا قيادة الاطراف.

ما يميز أغلب الطبقة السياسية الحالية هو تدني مستواها الأخلاقي وانعدام قدرتها على الصدق مع النفس، لهذا لن يكون مصير اتفاق الرياض ونتائجه الحقيقية افضل من سابقاته.