د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
النظام الإيراني يوظف اغتيال سليماني !!
كلنا تابعنا حركة الاحتجاجات الشعبية العارمة التي اجتاحت إيران في الأشهر الأخيرة من عام 2019م والتي كانت تطالب بإسقاط النظام ورموزه وقادته للخروج من الأزمات الاقتصادية وسؤ الأحوال المعيشية بفعل الحصار الإقتصادي والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران!!
وتحت ضغط العقوبات الأمريكية ، تدهورت قيمة العملة المحلية الريال، كما ارتفع التضخم. وبحسب التقديرات الأخيرة لصندوق النقد الدولي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في إيران عام 2019 بنسبة 9.5 بالمائة.
بعد اغتيال الجنرال سليماني تغير المشهد تماما على الصعيد الداخلي الإيراني وتحول إلى التركيز على تداعيات الحدث بعد الاغتيال ،وقد تنبأ الكثير من المتابعين بأن النظام الإيراني سيقوم بتوظيف الحدث والاستفادة من رمزيته لما يحظى به سليماني من شعبية في إيران رغم دمويته ورعايته المباشرة للمجازر الرهيبة التي قام بها في سوريا والعراق!!
في حين عم الحزن إيران إثر مصرع سليماني ،أما في العراق فقد اتضح أن شريحة كبيرة من الشيعة العراقيين لا تبدو غاضبة أو حزينة لمصرع سليماني وزميله المهندس ، بل شعروا بالارتياح لأن الرجلين هما المسؤلان عن حملات القمع التي طالت المتظاهرين العراقيين منذ بدء الاحتجاجات في أكتوبر الماضي والتي كان حصيلتها قتل أكثر من 500 متظاهر سلمي وإصابة 1900 جريح !!
وكان المتظاهرون في العراق قد عبروا في تلك التظاهرات عن رغبتهم في خروج القوات الغربية المتواجدة على أرض العراق ، ولكن خروج تلك القوات سيعد نصرا لا يرام وسيلحق ضررا بالعراق وسيضعها من جديد بين مطرقة النفوذ الإيراني وسندان الدواعش !!
وبالفعل فقد حرك غلاة زعماء الأحزاب الشيعية أتباعهم لمهاجمة السفارة الأمريكية في بغداد وحاولوا اقتحامها كما فعل الإيرانيون في طهران عام 1975م .
وقد قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال مارك ميلي إن الخطر كان داهما على السفارة الأمريكية في بغداد. وأن قاسم سليماني وصل إلى بغداد لدفع الحشد الشعبي إلى حصار السفارة واحتلالها واخذ رهائن أميركيين، هو ذروة ما يمكن أن تحققه إيران. وهو أقسى ما يمكن أن تتعرض له أميركا وكانت الطائرة الأمريكية في انتظار سليماني وقضت عليه مع رفاقه فور خروجهم من مطار بغداد !!
تلا ذلك نواح ولطم وبكاء وحشود غفيرة تسير مذهولة في جنازة سليماني ورفاقه في المدن الإيرانية وكانت تسأل :أين قوة إيران وأسلحتها؟؟!!
فيرد المطبلون في وسائل الإعلام التابعة لها بتحليلات مضحكة ومنهم بعض الأبواق العربية المأجورة والتي كانت تضلل وتردد: أن ترمب طلب عمان وغيرها التوسط لدى إيران أن يكون الرد محدودا !!
لا يطلب رئيس دولة أن يكون رد عدوه خفيفا ونظيفا ولطيفا والحقيقة الغائبة أنه
ولكنه منطق وكلاء الملالي العرب ويتدافعون طالبين إحالة «عطاء الرد» عليهم، دون الاهتمام بالتدمير الماحق الذي سيصيب بلدانهم!!
وقد وصف المرشد الأعلى علي خامنئي سليماني بـ”الشهيد الحي”، وأن على طهران أن تستثمر اسمه... لكن السفير الفرنسي السابق في طهران فرنسوا نيكولو يرى أن “هناك فرصة” حاليا أمام السلطات في إيران “لتحويل الضربات الأميركية عن مسارها. ليس لوقت طويل، لكن مشاعر التأثر الشعبي ستبقى”، مضيفاً أن سليماني كان يمثل الصورة الجميلة للجندي في الخيال الإيراني!!
ويعتبر العديد من الإيرانيين سليماني بمثابة بطل يعتمدون عليه لتجنيب إيران الوضع الذي عانى منه العراق وسوريا أو أفغانستان ،بينما هو في الواقع مجرم حرب تلطخت أياديه بدماء الشعبين العراقي والسوري !ّ!ّ
ويمكن للنظام أن يستغل (موت الجنرال) ليواصل قمع المعارضة”، بحجة أن المعارضين ينفذون الأجندة الأميركية!!.
ويرى بعض ا لمحللين أنه رغم كل شيء كانت لسليماني صورتان متناقضتان: صورة البطل المدافع عن البلاد “السائدة في أوساط الشباب المؤيد للنظام”، وصورة أحد كوادر “المنظمة المسئولة عن القمع وارتكاب انتهاكات” في نظر آخرين.خلال تظاهرات عام 2017 و2018، وكذلك تظاهرات ديسمبر، ندد البعض بالثمن الداخلي الذي يدفع في إيران مقابل الطموحات الإقليمية للنظام التي جسدها سليماني أكثر من غيره!!.
ويلفت آرون ميلر إلى أن “الملايين من الإيرانيين يريدون المزيد من الروابط مع العالم الخارجي، والمزيد من الازدهار الاقتصادي، والمزيد من الحرية ، ولكن نظام الملالي القمعي لا زال يحلم باستعادة أمجاد إمبراطورية فارس التي أطفأ الإسلام نارها وأخمدها إلى الأبد !!
د.علوي عمر بن فريد