عماد الدين أديب يكتب:
"رضا الناس غاية لا تدرك"
يقول الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: «رضا الناس غاية لا تدرك، فتحر الخير بجهدك، ولا تبالِ بسخط من يرضيه الباطل».
لا يمكن أن تكون السلطة، أي سلطة، عمياء صماء عن صراخ الناس ومطالبهم المشروعة، لكنها في الوقت ذاته يجب ألا تنفذ سياسة «ما يطلبه المتظاهرون»
ولأن رضاء الناس، كل الناس، هدف يكاد يكون مستحيلاً في علاقة الرسل والأنبياء في زمانهم، أو الحكام منذ بدء التاريخ حتى يومنا هذا، فإن الحكم الرشيد، والحاكم العصري يرتضي برضاء الأغلبية، ويسعى دائماً إلى زيادة أعدادهم ومستوى رضائهم وفي الوقت ذاته يسعى إلى تخفيض عدد منتقديه ومعارضيه بإقناعهم واستمالتهم، ونقلهم إلى معسكر حلفائه.
هناك استحالة نسبية بين إرضاء متناقضين متعارضين تماماً، بمعنى: إذا أردت زيادة الموارد السيادية فلا بد من ضريبة القيمة المضافة.
هناك استحالة لإرضاء الضحية والجاني في آنٍ واحد، أو بناء دولة عصرية بلا موارد سيادية، أو إرضاء المحتل بقبول احتلاله، أو إرضاء المعتدي بالانصياع لمطالبه.
هناك فارق جوهري في «التوفيق» بين الأطراف بهدف منع اشتعال الصراعات الحدودية أو الطبقية الاجتماعية، و«التلفيق» بهدف «تظبيط» الأزمات بأي ثمن بإعطاء عقاقير مغشوشة لمجتمع مريض، وإيهامه بأن الشفاء قادم، ثم ينتهي الأمر بالمريض إلى دخول غرفة العناية المركزة!
أزمة مجتمعات اليوم، ومعضلة النخبة في عالمنا العربي أنهم يريدون الحل الآن، الآن وليس غداً، وأحياناً يعشقون من يكذب عليهم بوعود زائفة أكبر من المسؤول الذي يواجههم بالحقيقة كما هي!
لا يوجد جيل مستعد لأن يضحي من أجل جيل يأتي من بعده تحت شعار: «لماذا أدفع أنا الثمن؟، أنا أريد حقي الآن وفوراً، ولا أريد أن أنزف حتى يشفى غيري من بعدي».
لا يمكن أن تكون السلطة، أي سلطة، عمياء صماء عن صراخ الناس ومطالبهم المشروعة، لكنها في الوقت ذاته يجب ألا تنفذ سياسة «ما يطلبه المتظاهرون».
دائماً الحل طويل الأمد يزعج، والرؤية الاستراتيجية المكلفة متعبة، والوجع الحالي أكثر إيلاماً من تصدير المشكلة لعقود آجلة.
الأخطر من نفاق الناس للحكام والسلاطين والزعماء، هو نفاق الساسة وأصحاب القرار، أي أن يقولوا لهم ما يريدون، بصرف النظر عن صحة ذلك.
تخيلوا لو وصف الطبيب الدواء للمريض على هواه، وشخص له مرضه بالشكل الذي ينفي عنه صفة المريض، ماذا كان حال المرضى في المستشفيات؟
إرضاء الناس واجب ورسالة نبيلة، لكن خداعهم وتزوير الحلول لهم هلاك وقلة ضمير.