علي عبيد يكتب:

صقور محلّقة في سماء المجد

استقبل أبناء الإمارات يوم أمس صقور الإمارات المخلصين.. ذهبوا إلى اليمن صقوراً، وحلقوا في سماء المجد وها هم الآن صقور على أرض المجد. لم ترهبهم صيحات قوى الباطل لأنهم يعرفون أنهم ينصرون الحق، ولم تفتّ في عضدهم أبواق الحاقدين والمشككين في قدراتهم.

أدوا نداء الواجب كما يجب وأكثر، وأثبتوا أنهم رسل خير، نشروا الأمن حيثما حلوا، وأعادوا الحياة إلى نفوس كاد اليأس يقضي على آخر بارقة أمل لديهم.هؤلاء هم صقور الإمارات في أرض الوطن بعد أن أدوا مهمتهم الإنسانية في اليمن، تركوا خلفهم أثراً طيباً في نفوس وقلوب أبناء اليمن الشقيق، راسمين صورة زاهية عن وطن لا يتأخر أبناؤه عن نجدة الشقيق والصديق، ومد يد العون للمستغيث.

كانت الأعناق يوم أمس مشرئبة، وكانت العيون تتطلع إلى رؤية صقور الإمارات مرفوعي الرؤوس، شامخي الهامات. كان الآخرون يشعلون النيران وكانوا هم يطفئونها، مرة بنار مثلها عندما تقتضي الضرورة ذلك، ومرة بالماء عندما يكون الماء هو الوسيلة لإطفاء النار، فالذين يقيدون نار الحرب لا تجدي معهم سوى النار تطفئ ما أوقدوا. والذين تشتعل فيهم نيران العوز الذي خلفته الحرب بحاجة إلى ما يطفئ نيران حاجتهم وعوزهم.

لم يكن صقور الإمارات يحاربون على جبهة واحدة فقط، وإنما كانوا يحاربون على جبهات عدة، وكانوا على مستوى الحرب التي كانوا يخوضونها على كل الجبهات. تصدوا للانقلابيين الحوثيين الذين انتزعوا الشرعية من أصحابها، وتصدوا لجماعة «الإخوان» الذين استغلوا الظروف للتسلل إلى كل المفاصل وانتزاع ما يستطيعون، وواجهوا إرهابيي «القاعدة» و«داعش» الذين وجدوا في الفوضى التي عمت اليمن مناخاً ملائماً لتحقيق أهدافهم وزرع عناصرهم في أنحاء اليمن، الذي كان سعيداً وسيعود سعيداً بإذن الله تعالى.

ذهبنا إلى عدن بعد تحريرها، ورأينا كيف كان يقف الجندي الإماراتي شامخاً فخوراً بالمهمة التي يؤديها، جلسنا معهم، شاركناهم طعامهم وشرابهم، ولمسنا الروح المعنوية العالية التي يتمتعون بها. وذهبنا إلى الحد الجنوبي، هناك حيث يشتركون مع إخوانهم أبناء المملكة العربية السعودية في الدفاع عن حدودها، ورأينا كيف يقومون بمهمتهم وكأنهم يدافعون عن أرض دولتهم؛ دولة الإمارات العربية المتحدة.

لقد ضرب صقور الإمارات المثل في التضحية والإخلاص ونجدة الشقيق والصديق، كما ضربوا المثل في الولاء والإخلاص لقيادتهم التي وضعت ثقتها الكاملة فيهم، ووفرت لهم كل ما يعينهم على أداء مهمتهم من سلاح وتدريب وإمكانات، حتى غدا جيش الإمارات واحداً من أفضل جيوش العالم سلاحاً وتدريباً وقوة وكفاءة عالية في زمن الحروب الحديثة التي لا تعترف إلا بالكفاءة والتدريب المستمر والروح المعنوية العالية.

لقد كان يوم أمس يوم فخر بأبناء قواتنا المسلحة البواسل الذين كان منظرهم بهيجاً، وكانت صورتهم زاهية وهم يحظون بهذا الاستقبال المهيب من قادة الوطن وأبنائه الذين استقبلوهم بفرحة غامرة، وقلوب بالمحبة عامرة، وفخر بأبناء الإمارات الذين يبدعون في زمن الحرب والسلام، ويحولون الدمار إلى عمار، وينشرون الخير في كل مكان.

لم يكن صقور الإمارات جنود حرب، بل كانوا رسل سلام ومحبة، حملوا السلاح بيد للدفاع عن المظلومين، وحملوا الطعام والدواء باليد الأخرى لإطعام الجائعين، ومداواة المرضى والجرحى وضحايا العدوان من إخوتهم اليمنيين، الذين سيظلون يذكرون لأبناء الإمارات مواقفهم المشرفة، والأيادي البيضاء التي امتدت إليهم عندما تأخر غيرها، وتكالبت قوى الشر عليهم.

في هذا اليوم الوطني المجيد، نستذكر شهداءنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم تلبية لنداء الواجب، ولجرحانا الذين سالت دماؤهم على أرض اليمن الشقيق، وامتزجت بدماء إخوتهم اليمنيين وقوات التحالف العربي، التي هبت لنجدة اليمن وتخليص أبنائه من الظلم الذي حاق بهم من قبل ميليشيات مسلحة انقلابية، ومن قبل جماعات إرهابية لا تعيش إلا في مناخات الحرب والفوضى التي عاشتها اليمن على مدى السنوات الماضية.

سوف تبقى دولة الإمارات عوناً للشقيق والصديق، وسوف يبقى أبناؤها المخلصون مستعدين دائماً لحماية وطنهم، ونصرة المظلوم، ومواجهة الظالم. هذا ما تعلمه أبناء الإمارات من الآباء المؤسسين، وهذا ما يتعلمونه كل يوم من الأبناء المخلصين.

ذهبوا صقوراً، وسيظلون صقوراً محلقة في سماء المجد، لأنهم أبناء هذا الوطن، أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة وقادتها الحكماء المخلصين.