الحبيب الأسود يكتب:

السعودية تدخل عالم الغاز من باب الكبار

تتجه السعودية لدخول أسواق الغاز العالمية بقوة، بعد أن تكون قد حققت اكتفاءها الذاتي، بينما تشير التقديرات المستقبلية إلى تحول كبير في توازنات إنتاج الغاز وتصديره بالمنطقة مما سيعطي المملكة دورا متقدما على حساب القوتين الإقليميتين في هذا المجال وهما قطر وإيران.

وبعد أن كشف الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، أن بلاده ستلج مجال تصدير الغاز في القريب العاجل، دون تحديد موعد، مؤكدا طموح المملكة إلى الاستغلال الأمثل للموارد الكربونية من زيت وغاز، سواء كانت هذه الموارد تقليدية أو غير تقليدية، شهدت الرياض حدثا مهما الخميس الماضي، عندما استعرضت اللجنة العُليا للمواد الهيدروكربونية، برئاسة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، خطط تطوير حقل الجافورة العملاق في المنطقة الشرقية.

ويعد حقل الجافورة أكبر حقل للغاز غير التقليدي يتم اكتشافه في المملكة بطول 170 كيلومترا وعرض 100 كيلومتر، ويقدر حجم موارد الغاز في مكمنه بنحو 200 تريليون قدم مكعب من الغاز الرطب الذي يحتوي على سوائل الغاز في الصناعات البتروكيماوية والمكثفات ذات القيمة العالية.

وجاءت بشرى الجافورة لتزيد من زخم الإنجازات التي ما انفكت المملكة تحققها ضمن حالة إصلاحية شاملة في إطار رؤية 2030 لتعزيز دخل الدولة وتحسين عيش المواطن.

التحول الكبير في توازنات إنتاج الغاز وتصديره بالشرق الأوسط سيعطي السعودية دورا متقدما على حساب قطر وإيران

ودعا ولي العهد السعودي إلى أن تكون أولوية تخصيص إنتاج الحقل من الغاز وسوائله للقطاعات المحلية في الصناعة والكهرباء وتحلية المياه والتعدين، وغيرها لمواكبة معدلات النمو الطموحة وفق رؤية 2030، لافتا إلى أن تطوير الحقل سيحقق طوال 22 عاماً من بداية تطويره دخلاً صافياً للحكومة بنحو 8.6 مليار دولار سنويا، وسيرفد الناتج المحلي الإجمالي بما يقدر بـ20 مليار دولار سنوياً، وسيؤدي إلى توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطنين في تلك القطاعات وغيرها.

وسيجعل هذا المشروع المملكة أحد أهم منتجي الغاز في العالم ليضاف إلى مركزها كأهم منتج للبترول. كما سيؤدي تطوير الحقل، إضافة إلى برامج الرياض في تطوير الطاقات المتجددة، إلى تحقيق المزيج الأفضل لاستهلاك أنواع الطاقة محلياً وسيدعم سجلها في حماية البيئة.

ونجحت شركة أرامكو في تطوير الحقل، بحجم استثمارات يصل إلى 110 مليارات دولار ستؤدي مراحل تطويره إلى تزايد إنتاج الحقل من الغاز تدريجياً ليصل في حال اكتمال تطويره إلى 2.2 تريليون قدم مكعب عام 2036، تمثل نحو 25 في المئة من الإنتاج الحالي.

وبسبب خاصية الحقل سيكون قادراً على إنتاج نحو 130 ألف برميل يومياً من الإيثان، تمثل نحو 40 في المئة من الإنتاج الحالي، ونحو 500 ألف برميل يومياً من سوائل الغاز والمكثفات اللازمة للصناعات البتروكيماوية، تمثل نحو 34 في المئة من الإنتاج الحالي.


وفي يناير الماضي، حلت السعودية خامسة وراء كل من روسيا وإيران وقطر وتركمانستان، باحتياطيات 1787.5 تريليون قدم مكعب قياسي (25.4 في المئة من احتياطيات العالم) لروسيا، و1194 تريليون قدم مكعب قياسي (17 في المئة) لإيران، و842.6 تريليون قدم مكعب قياسي (12 في المئة) لقطر، و347.4 تريليون قدم مكعب قياسي (4.9 في المئة) لتركمانستان.

وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة السادسة باحتياطي غاز مثبت يبلغ 320.2 تريليون قدم مكعب قياسي (4.5 في المئة من احتياطيات العالم)، ثم الإمارات في المركز السابع بـ215.1 تريليون قدم مكعب قياسي (3.1 في المئة)، وفنزويلا في المركز الثامن بـ201.5 تريليون قدم مكعب قياسي (2.9 في المئة).

وكانت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في السعودية أعلنت مؤخرا عن احتياطيات الغاز عقب مراجعة مستقلة أجرتها شركة ديغويلر آند ماكنوتن (دي آند أم) الرائدة في مجال الاستشارات، إضافة إلى بيانات منظمة “أوبك” ووكالة الطاقة الدولية.

وبشأن تطور الاحتياطيات خلال عقود فترة التحليل، زادت احتياطيات السعودية من الغاز إلى 56.4 تريليون قدم مكعب قياسي، مرتفعة بنسبة 23 في المئة (10.4 تريليون قدم مكعب قياسي) عام 1970، مقارنة بعام 1960 (أي خلال 10 سنوات) بينما زادت بنسبة 99 في المئة (56.1 تريليون قدم مكعب قياسي) عام 1980، لتبلغ 112.4 تريليون قدم مكعب قياسي، ثم بنسبة 64 في المئة (72 تريليون قدم مكعب قياسي)، لتبلغ 184.4 تريليون قدم مكعب قياسي عام 1990.

وفي عام 2000 بلغت احتياطيات السعودية المثبتة من الغاز نحو 222.5 تريليون قدم مكعب قياسي، مرتفعة بنسبة 21 في المئة (38.1 تريليون قدم مكعب قياسي) عن مستوياتها في عام 1990، وفي عام 2010 ارتفعت الاحتياطيات إلى 283.1 تريليون قدم مكعب قياسي، مرتفعة بنسبة 27 في المئة (60.6 تريليون قدم مكعب قياسي) عن مستوياتها في عام 2000.

وإضافة إلى احتياطيات منطقة امتياز أرامكو السعودية، تمتلك المملكة أيضًا نصف الاحتياطيات النفطية في المنطقة المقسومة المملوكة بالمشاركة للسعودية والكويت، حيث إن حصة المملكة من احتياطيات الغاز في المنطقة (البرية والبحرية مجتمعة) تبلغ 5.6 تريليون قدم مكعب.

وقالت صحيفة “لوبينيون” الفرنسية في تقرير لها عن التحول الاستراتيجي السعودي إن المملكة ترغب في بناء إمبراطورية للغاز الطبيعي لتحفيز صناعاتها وتسويق هذا المورد الطبيعي وزيادة مداخيل الدولة الجديدة، التي تعتمد حالياً على البترول، مشيرة إلى أن اتفاق الرياض لشراء الغاز الطبيعي الأميركي هو جزء من خطة تقدر تكلفتها بـ160 مليار دولار على مدى عشر سنوات لتطوير أصولها من الغاز، في حين يتوقع أن يتزايد الطلب على مصادر طاقة جديدة في مملكة غنية بالنفط إلى درجة تفوق قدرتها وفقاً للتقديرات