د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
وطني الجنوب بين الواقع والمستحيل !!
الوطن الذي عرفناه منذ نشأتنا هو الجنوب لا غيره ..سرنا على ثراه حفاة ..أحببناه وعشنا في خيره وكتب له الأدباء والشعراء أجمل القصائد وغنى له الفنانون أعذب الألحان ..انه الجنوب الوطن الذي نزفنا من أجله أطهر وأنقى الدماء ..انه الوطن الذي نحلم به ونتمناه ..وطن يكون ملاذا آمنا يلوذ بنا ونلوذ به ..وليس وطن ينزف الدم والقهر والحرمان والخوف والقلق !!
وطن ضاع شبابه اليوم بين السجون والمقابر والتشرد وهو يأبى الخضوع والاستسلام .
وطن يقاتل رجاله دفاعا عنه وهم لا يملكون شبرا فيه ..وطن يعيش فيه اللصوص ملوكا ...والشرفاء يعيشون على الكفاف والعوز والحاجة !!
وطن لا يعرف من يقوده ..وطن مزقته الحروب وزرعت بين أهله الطائفية والقبلية والعنصرية والحقد والضغينة ..وطن ماضيه أجمل من حاضره ومستقبله... وباعه حثالة من أبنائه ولا زلنا نقاوم لاسترجاعه !!
وطن تخلت عنه ما كانت تعرف بنخبه وابتلاهم الله بالخلافات وتفرقوا أيدي سبأ في العواصم يبحثون عن مصالحهم الخاصة ويتسولون بقضية الجنوب وشعبه الذي يدفع ثمن حريته من قوته ودمه !!
وأقول لشبابنا أفيقوا من غفلتكم وسباتكم الذي طال مداه ولا تنتظروا من عجائز النخب أي عون أو رجاء !!
وتمردوا على الواقع المزري الذي ورثناه عن الحزب الاشتراكي وخلف لنا تركة ثقيلة مشوهة الملامح بعد أن دمر الجنوب ثم ساقنا إلى دهاليز الشر والمهانة في صنعاء !!
احلموا وطيروا كالنسور والعقبان واغرسوا مخالبكم في أعناق المجرمين واللصوص والخونة الذين يريدون سرقة الجنوب وبيعه من جديد في أسواق المزادات والنخاسة بثمن بخس لا يساوي ذرة من ترابه ، فالحلم يا شبابنا عندما يصبح حقيقة يجعل الحياة حلوة رغم مرارتها وقسوتها ..ابحثوا عن الأشرار وستجدونهم وحدهم من قام بتخريب الجنوب ولوثوا هواءه ومياهه، وهم من اغتال أشرف رجاله ... وتاجروا بالبشر وصادروا حرياتهم، وهم من سحق الورود وقتلوا الأطفال والعصافير وحاصرونا ويريدون مصادرة أحلامنا واغتصابها وتحويلها إلى كوابيس ولكننا لن نفرط فيها !!.
فهي الثروة الوحيدة التي يتساوى فيها البشر، فلا يستطيع الأغنياء واللصوص مصادرة أحلام الفقراء، ولا يستطيع الفقراء تشكيل خطر على الأغنياء!!
لكن أحلام الفقراء تتحول في كثير من الأحيان إلى كوابيس بسبب الفقر وجشع الأغنياء، الذين يسرقون أحلامنا!!.
وهي ليست معجزة ولا أحجية، بل هي إرادة ورغبة في الحياة السعيدة التي يغمرها النور رغم كل جحافل الظلام التي تحاول حبسنا وخنق أرواحنا في سراديب الموت .علينا مجابهة اليأس المتربص بنا والدفاع عن أحلامنا المؤجلة ..ومع صمودنا وإصرارنا نستطيع أن نحققها ولو بعد حين !!
نحلم بوطن لا ينخر إداراته الرسمية الفسادُ، ولا تسوده الفوضى والرشاوى واستقواء القوي على الضعيف و من ليس لديه "سند " أو من ليس له معين أو زعيم !!
نحلم بوطن فيه قانون يُطبّق على الجميع سواسية، والكل متساوون في الحقوق والواجبات...نحلم بوطن لا شرعية فيه لأي سلطة غير الدولة الحامية لكافة أراضيه.!!
نحلم بوطن ينعم فيه الجميع بالأمن والأمان والكل سواسية أمام القانون .
نحلم بوطن لا يموت فيه الفقير المريض على أبواب المستشفيات.
نحلم بوطن تكون فيه كرامة الإنسان مصانة في الممارسة وفي الواقع.
نحلم بوطن تكون فرص العمل متوفرة ومتاحة للآلاف من الشباب الذين يتخرّجون من الجامعات والمعاهد !ّ!
ما أصعبه من شعور عندما تقف عاجزا عن تحقيق حلمك لوطنك ...... فكل حلم قد يسكن ذاكرتك تواجهه عقبات تمنعك من تحقيقه .. فالحلم عندي أشبه بمعادلة مستحيلة الحل في دنيا الواقع المر .. ...وتحقيق ذلك الحلم مسألة معقدة يصعب على أي عالم فك رموزها وطلاسمها .... فعقلي رهينة بين سندان الحلم ومطرقة تحقيق ذلك الحلم لذا عندما يراودك شعور بأن تحلم فاحفر الصخر حتى تحقق حلمك بل خذ حلمك وأخرجه من قمقم الأحلام و صندوق المستحيلات حتى لا تعيقه حبال المستحيل وحتى لا يموت على أرض الواقع كما أرادوا له ذلك ..... وتعلم درسا أن الحلم لا يموت ... ولا يدفن في مقبرة النسيان وصاحبه يدافع عنه حتى ينتصر له ويقهر المستحيل !!
د.علوي عمر بن فريد