المواطنة هي بديل للتعصب
هذه المثالب في التعصب وشرعنة خطاب الهوى الذي يقود إلى العنف بين ابناء الوطن الواحد ، النابع عن جهل من جهة وتوظيف من جهة أخرى ، عانت مثله شعوب وحضارات أخرى . منذ سقراط الذي إنتقد الهزيمة القاسية أمام جيوش إسبرطة ، وقرر ان هزيمة أثينا ليست بسبب ( غضب الآلهة من فساد الأثينيين الأخلاقي ) كما قرر مجلس الشيوخ ، بل بسبب فساد ( مجلس الشيوخ نفسه ) ، عندها قرر المجلس أن يحاكم سقراط لإفساده الشباب ، وحكم عليه بالإعدام بشرب السم ، وقبل طوعا قائلا إن الحكم المدني الذي أطالب به يجب علي احترامه ..... تلك القصة أسست ، بعد ذلك بقرون ، لما نسميه اليوم ( الحكم المدني ) بعد ان دفعت البشرية ملايين القتلى وخاضت آلاف الصراعات والحروب ، حتى وصلت بعد جهد فكري من كبار المفكرين إلى رأي ( العقد الإجتماعي ) الذي يؤسس للمواطنة ، وسيادة القانون والمساواة بين المواطنين . دون جدل نحن نمثل نموذجا ممتازا في الوطنية علينا ان نفخر به ، ودليلنا موقف الجنوببيين ، في اعلان بيان التسامح والتصالح 13 يناير 2006 م ، ولكن الوطنية الفعلية لا تكون وقت الأزمات فقط ، فهي ليست وطنية ( طواريء ) الوطنية أكبر من ضيق الأزمة ، وشبابنا يعانون من ( مساحة فراغ قليلة ) لذلك من السهل جذبهم للتعصب والتطرف .
ولعودة الروح للسلوك الوطني علينا جميعا أن نتصارح في كيفية تفعيل ( عقدنا الإجتماعي وتطويره ) دون ( تكفير او تخوين ) وأن نتصارح في مشكلاتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من زاوية العقل والمصلحة العامة ، فالوطنية ليست غموضا او إحتكارا ، هي فن التعامل مع المواطن ةالوطن ، وصلاح النظم والمؤسسات على قاعدة الحوار بين ابناء الوطن دون ان نكون تابعين مقلدين . لهذا فالسؤال المركزي الذي يطرح نفسه علينا ان نعمل العقل للإجابة عليه هو : كيف يمكن ان نسحب الخلاف الاجتماعي والخلاف السياسي من تحت مظلة ( الدين والمذهب والقبيلة والطائفة ) ووضعهم في المكان الصحيح في الدولة المدنية ، وهي مظلة الحوار الوطني ، لدفع المجتمع الى نموذج تنموي يؤمن بالراي والراي الآخر المخالف ؟؟ لقد اجابت شعوب كثيرة على هذا السؤال عن طريق تقنين الحوار فتجنبت صراعات كثيرة