عادل المدوري يكتب:
تداعيات كورونا الاقتصادية على الجنوب
فتحت أزمة كورونا الباب أمام التنبؤات لتداعياتها الإقتصادية والسياسية والإجتماعية على العالم، ويعتقد كثير من المراقبين أن العالم مابعد جائحة كورونا ليس كما قبلها، وهناك دراسات نشرت مؤخراً وتحاليل بالأرقام تشير إن الإقتصاد العالمي قد دخل بالفعل حالة الركود الشديد، وأن النتائج ستكون مدمرة وستستمر تأثيراتها لسنوات قادمة.
فالإجراءات التي أتخذتها الدولة لمنع تفشي وباء كورونا مثل إغلاق المطارات والحدود وعزل المدن بالكامل وفرض حظر التجول والحجر المنزلي إجراءات ضرورية للحفاظ على سلامة الناس وحياتهم، لكنها سيئة بالنسبة للإقتصاد وستؤدي لإفلاس الشركات وإغلاق قطاعات إقتصادية وتسريح الموظفين، على سبيل المثال قطاعات السفر والسياحة.
وعلى الرغم من أن الوباء مازال في بدايته إلا ان أسواق المال العالمية شهدت خسائر إقتصادية مروعة وتاريخية وترافقت مع حالة من الهلع في الأوساط الإقتصادية وإنهيار للبورصات في سوق وول ستريت بالولايات المتحدة الأمريكية وأسواق المال الأوروبية؛ كبورصات ميلانو بإيطاليا، وبورصة لندن ببريطانيا، وفرانكفورت الألمانية وغيرها.
ولم تتوقف التداعيات لوباء كورونا على الإقتصاد غير الوقعي ” أسواق الأسهم والبورصات العالمية” التي تعد كمرآة للإقتصادات الواقعية وتشكل ما يزيد عن (70%) من الإقتصاد العالمي الحقيقي، بل شملت العديد من القطاعات الإقتصادية التي تمثل الإقتصاد الحقيقي للبلدان، من خدمات وسلع وصناعة وتجارة وغيرها، فإيقاف العمل والإنتاج في الشركات والمؤسسات، سيؤدي بلا شك إلى ظهور حالات إعلان الإفلاس للشركات وسيؤدي أيضاً إلى إضظرابات في الإنتاج والتموين ويتحول إلى أزمة إقتصادية عالمية شاملة.
نحن في الجنوب لسنا بمعزل عن العالم، ولأن وضعنا الإقتصادي هو الأسوأ على مستوى العالم، فالتأثيرات ستكون أكثر سوءاً، فإقتصادنا الضعيف والمنهار أصلاً، قائم على المساعدات والدعم الخارجي من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ودول أخرى التي تدعم على الدوام الإستقرار النسبي للعملة، وبقاء شكلي للإقتصاد، بالإضافة إننا نستورد كل شي من الخارج حتى أعواد الأسنان، فالتأثيرات ستمس المواطنين من خلال التأثيرات السلبية للركود وشبه التوقف لعمليات الإستيراد والتصدير والتجارة والنقل وغيره.
وستصل التأثيرات إلى التجارة الداخلية والخدمات على مستوى الأسواق المحلية، نتيجة تنفيذ إجراءات حظر التجول والحجر المنزلي التي تخنق الأعمال بشكل عام، سواء كانت خاصة أو عامة، كقطاعات المطاعم والتموين والنقل الداخلي والمدارس والفنادق والشقق المفروشة، كل ذلك يقود إلى إنكماش إقتصادي يرفع معدلات البطالة وإنعدام فرص العمل، ويسبب نقص حاد في القدرة الشرائية عند المواطنين.
لذلك عندما أعلن التحالف العربي إيقاف الحرب ليس لأسباب صحية ولأجل إفساج المجال لفرق الدعم الصحي وإقامة محاجر صحية فقط، وإنما في الأساس يدرك التحالف التداعيات المدمرة لفيروس كرونا على إقتصاد البلد والتي قد تتجاوز تكاليف الحرب منذ بدايتها بأضعاف، وبالتالي وأزاء هذه التحديات الجسيمة التي ستعصف بما تبقى من إقتصاد البلاد الضعيف لا بد من وضع إجراءات للحيلولة دون إنهيار كامل للإقتصاد وإنتشار المجاعة لاسمح الله.
مطلوب تشكيل مجلس أعلى لإدارة الأزمة من مختلف القطاعات الصحية والإقتصادية والأمنية، مجلس فعال في عدن وليس في الرياض، يتدخل بشكل فوري ومباشر من أجل إستقرار صرف العملة المحلية، وتوفير السيولة اللازمة للتجار والأسواق، ودعم المخزون الغذائي وتوفير السلع اولا بأول، ومحاربة الإحتكار والتلاعب في الأسعار، والعمل على تأهيل الكوادر الصحية ورفدهم بالأجهزة والعلاجات.
كما نقترح على جميع أبناء الجنوب، مجلس إنتقالي ومواطنين بعض الحلول العملية التي ستساهم في إيجاد علاج ناجع بأذن الله، ويمكن الخروج من هذه الأزمة الحالية أزمة كورونا والأزمات القادمة ومنها:
الأهتمام بالمجال الزراعي ودعم وتشجيع المزارعين الجنوبيين وتوفيرلهم مايحتاجونه من أجل زراعة القمح وأنواع الحبوب، فالجنوب فيها أراضي زراعية شاسعة في لحج، وأبين، وشبوة، وحضرموت، والمهرة، فإذا أستغلينا فقط الأراضي الزراعية بالجنوب سنحقق الإكتفاء الذاتي، وربما سنصدر الفائض عن حاجتنا، وبذلك نكون قد وفرنا إلى جانب الغذاء أيضاً العملة الصعبة.
وضع اليد على ثروات الجنوب الطبيعية وإستعادتها من الناهبين وإدارتها من قبل أبناء الجنوب، إستخراج وتسويق وتحصيل الأموال، فهذه الأموال والثروات ملك لأبناء الجنوب، ولا يحق للناهبين غير الشرعيين القادمين من مناطق خارج الجنوب تصدير النفط لتركيا أوسرقته بقاطراتهم إلى مأرب وإيداع إيراداته عند صرافين في مأرب وتجمع آخر اليوم في منزل الشيخ، فإذا وضعنا أيدينا على ثرواتنا فسنحصل على السيولة والدخل اللازم لتشييد المشاريع الإقتصادية كالصناعة والزراعة ودفع المرتبات، فعوامل النجاح متوفرة بين أيدينا، والأرض أرضنا، والثروات ثرواتنا، والخبرات والرجال على الأرض أبنائنا، ورأس المال الجنوبي موجود يستثمر وسنغطي مانحتاج من غاز وبترول وخبز وملح ومواد غذانية ومطاحن وبأقل الأسعار.
تنمية الصناعة في الجنوب وإستعادة عمل المصانع الجنوبية التي توقفت عقب الوحدة المشؤمة وإخراج المحتلين لعقارات تلك المصانع ودعمها كي تستعيد نشاطها من جديد، وتنشيط الصناعة في شتى المجالات الطبية والغذائية والمعادن والطاقة وغيرها.
تشجيع الإرتقاء في الأداء الإداري الحكومي بالجنوب، ودعم التحول الرقمي لعمل الإدارات فبدلاً من مراجعة الإدارات والزحام للحصول على وثائق بسيطة، يمكن الإعتماد على الرقمنة في الجوازات والأحوال المدنية والبلدية والتعليم عن بعد مثلما حاصل في دول الجوار خصوصاً في هذه الأيام مع إنتشار الفيروسات والاوبئة والحجر المنزلي، يمكن تسديد الفواتير وإنهاء الكثير من الأعمال من خلال النت دون الحاجة للمراجعة والطوابير الطويلة والزحام.
منع تعاطي القات لما له من آثار مدمرة للصحة وللإقتصاد ولساعات العمل والإنتاج والذوق العام في البلد، والسماح فقط في أيام الإجازات الأسبوعية الجمعة والسبت والمناسبات والأعياد فقط كما كان في السابق، فالقات ممنوع في كل دول العالم ماعدا اليمن وكان ممنوع في دولة الجنوب بالسابق، فلا تنمية في البلاد طالما القات يستحوذ على الاموال والأوقات والصحة.
هذه مجرد بعض المقترحات وفيض من غيض وإذا ماتوفرت الإرادة السياسية للبناء والنهضة والتغيير نحو الأفضل فالشعب يعرف الطريقه.