طاهر علوان يكتب:
طرد الصحافيين هو الحل
ينتظر الكثير من الصحافيين في العديد من الساحات حول العالم البطاقة الصحافية التي تتيح لهم حرية ممارسة العمل الصحافي.
من دون البطاقة هناك الطرد الذي يلاحق الصحافيين.
لكن تلك البطاقة – المعجزة – ليست كافية لدرء الأذى والضرر عن الصحافيين.
هي مجرد بطاقة هوية ربما تكون لأغراض التتبع والبوليسيات في العديد من بلدان العالم.
ولهذا تقرأ باستغراب قصصاً عن تلك البطاقة السحرية.
هي البطاقة الصفراء، هذا وصفها في تركيا وتصدر ليس من نقابة الصحافيين ولا من وزارة الإعلام ولا وزارة الاتصالات بل من رئاسة الجمهورية التركية بشكل مباشر ولك أن تتخيل بطاقة صحافية مربوطة بالرئيس ومكتبه.
لكن هذه البطاقة الصفراء لا يتم منحها تلقائيا ولهذا تشيع في تركيا قصة تجريد العديد من الصحافيين من تلك البطاقة أو سحبها وإبطالها وهو حل السلطات التركية لطرد الصحافيين وكتم أصواتهم.
وهناك في الصين تقع نفس التراجيديا وإن بلون آخر يتناسب مع لون الحزب الشيوعي الصيني الحاكم وليس حزب العدالة والتنمية.
يتحدّث صحافي عن حقيقة الإحصائيات الصينية لعدد المصابين بالفايروس فتتم مصادرة بطاقته الصحافية وإسكاته، السلطات الصينية تنزعج من ثرثرة صحافي من سنغافورة يتحدث عن أقارب الرئيس الصيني وما يجنونه من امتيازات.
صحافيون من وول ستريت جورنال تمت ملاحقتهم بقرار تعسفي صيني بدعوى نشرهم تقارير مضللة.
والحال أن الصحافيين في الولايات المتحدة هم في حال أخرى تكمّل ما يعيشه أقرانهم الآخرون إذ أنهم يتلقون الإساءات بين حين وآخر.
يقول الرئيس الأميركي دونالد ترامب: “الصحافة في هذا البلد خطيرة. ليس لدينا حرية صحافة في هذا البلد، بل لدينا العكس. لدينا وسائل إعلام فاسدة”.
إذا كانت هذه هي نظرة الرئيس الأميركي وتقييمه لإحدى أعرق قلاع الصحافة والإعلام وهي الولايات المتحدة فما بالك بواقع الحال بالنسبة للصحافة في دول أخرى؟
في روسيا يواجه صحافيون روس غرامات باهظة في حملة صارمة ضد ما يسمى العملاء الأجانب.
هناك يواجه الصحافيون الذين ينتهكون ضوابط بشأن النفوذ الأجنبي في الإعلام الإخباري المحلي غرامات تصل إلى خمسة ملايين روبل (80 ألف دولار)، أو سحب البطاقة الصحافية والطرد بحسب مسودة قانون روسي.
ويجب على مثل هؤلاء الأشخاص الذي يطلق عليهم العملاء الأجانب بحسب هذا القانون، التسجيل لدى السلطات والكشف بشكل علني عن هذه الصفة في إصداراتهم الإعلامية.
واقعيا هي نفس الذرائع التي بموجبها اعتقلت تركيا العديد من الصحافيين بحجة التغطيات والأخبار المنحازة والتي طالت أيضا مستخدمين عاديين لمنصات التواصل الاجتماعي وبما في ذلك اتهامهم بنشر معلومات مضللة حول عدد الإصابات والوفيات من جراء تفشي فايروس كورونا.
السلطات الروسية نفسها تتبع أثر مجموعة صحافية تحقق في أنشطة مجموعة سرية من المرتزقة الروس في أفريقيا والشرق الأوسط.
الصحافيون الروس المغضوب عليهم لم يأتوا بمعلوماتهم وما نشروه من فراغ بل إنها معلومات مؤكدة وصلت إليهم خلاصتها بأن المجموعة تنفذ مهام قتالية سرية نيابة عن الكرملين في أوكرانيا وسوريا وليبيا على الرغم من نفي السلطات الروسية لمثل تلك النشاطات.
بالطبع يجري ذلك على خلفية فاجعة مقتل ثلاثة صحافيين روس في جمهورية أفريقيا الوسطى في أغسطس من العام 2018 أثناء إجرائهم تحقيقا موسّعاً بشأن وجود مجموعة فاغنر هناك.
تفشي وباء كورونا هو غطاء آخر لطرد الصحافيين بوصفه حلا.
في تركيا وفي العراق وفي الولايات المتحدة وفي غيرها لا يجب الحديث عن فايروس كورونا وكم عدد ضحاياه من الموتى أو المصابين إلا من خلال إحصائيات الحكومة.
السلطات العراقية كانت هي الأخرى قد تكدّرت بسبب تقارير تنشرها رويترز عن تفشي الوباء في العراق والإجراءات الحكومية للتصدي له و لهذا قررت إغلاق رويترز وطرد صحافييها وسحب ترخيصهم لكنها تراجعت بعد حين.
الحلّ هو الطرد، تلك هي الخلاصة عمن يضيقون ذرعاً بالصحافيين وكنّا نظن – واهمين – أن زمن ابتذال الصحافيين وإنكارهم قد ولّى فإذا به متجسّم أمامنا بشكل مستمر وفي العديد من الساحات حول العالم.