د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
أوجاع الوطن من أبنائه !!
عندما يسرق اللصوص والخونة أوطانهم ويفتحون أبوابه للغزاة والطامعين في ثرواته .. وعندما يتسلل الخونة إلى مفاصل الحكم والقوة يصبح الوطن كله مباحا بلا أسوار ولا خنادق ولا رجال تحميه.. وعندها يبيع الخونة حقوق الشرفاء ويصادرون أحلام البسطاء والبؤساء الذين يتضورون جوعا وينامون هم وأطفالهم على الطوى ..ينامون وأفواههم فاغرة وعيونهم مطفأة وأجسادهم متعبة تئن من الألم ..بينما اللصوص مصابون بالتخمة وقد تكورت كروشهم يسرقون كل شيء حتى تراب الوطن باعوا واشتروا فيه!!
سرقوا المعونات والمساعدات هدية البسطاء والفقراء من منظمات الإغاثة الدولية بالقوة الجبرية ..هؤلاء الأوغاد يقتاتون على السرقة وهم أشبه بالنباتات الطفيلية والطحالب التي تنمو على أفواه مياه المجاري والمخلفات ..يرضعون السحت ويمتصون حليب الغدر والمكر ..يغرسون مخالبهم في رقاب الضعفاء وينشرون الأحقاد والضغائن والفتن أينما حلوا !!
هذا هو حالنا في اليمن شمالا وجنوبا ورغم أوجاعنا لا زلنا نتغنى بالتاريخ الذي غربت شمسه وأفل نجمه .. لا زلنا نتغنى بالأمجاد ونتفاخر بالأنساب والألقاب ونستجر التاريخ الذي غار واندثر..في اليمن انتشر الوباء والبلاء ..وابتلينا بالحروب والمجاعات ..نتطلع من حولنا وقد أعمى الله بصائرنا بسؤ أعمالنا وخبث نياتنا حتى أصبحنا لا نفرق بين الحق والباطل .. والمجرم والبرئ ،ونقتل بعضنا بعضا ..
نقيم الحد على الضعيف ونحترم القوي والمجرم .. ونزدري الطيب والضعيف ونبجل اللصوص والقتلة ونفسح لهم ليجلسوا في صدر الديوان ونشهد لهم زورا بالصلاح والتقوى …الأمم والشعوب الحية سبقتنا علما ورقيا وحضارة وتجاوزتنا بمئات السنين ..ولا زلنا نستجر الماضي والخرافات والأساطير !!
نهضت الأمم والشعوب في العلوم والفنون ..سبقونا في الحضارة العصرية ونحن لا زلنا نبكي على أطلال سد مأرب وقصر غمدان ..ونسرد على أولادنا روايات الجن وكعبة القليس ..وفأر السد وهدهد سليمان .. ونتجادل من أحق بالولاية والخلافة بنو أميه أم بنو العباس أم بنو هاشم ؟؟ ولا زالت الحقيقة ضائعة!!
ومن هم على الحق ..الزيدية أم الشافعية .. ثم ننتقل إلى الأعراق والأصول ..الترك والفرس والعرب والأحباش ..والصومال والهنود ونقوم بتصنيف البشر وأعراقهم ونسخر منهم وهم أطول منا باعا في التقدم !! ..دون أن نسأل أنفسنا ماذا قدمنا للبشرية ؟؟ والجواب : لاشيء سوى أصفار مكعبة في الخيبات والانتكاسات !!
نتفاخر بالأوهام والخرافات لكي نعوض إفلاسنا وانتكاساتنا وسقطاتنا ..
كان أسلافنا أهل الحكمة والإيمان.. وجزء من خير أمة أخرجت للناس .. وأصبحنا خلفهم شر الناس و عالة على البشرية !!
لا ننتج ولا نصنع غير الدمار أينما نزلنا وارتحلنا ..نمارس الظلم في حياتنا اليومية كطقس يومي ضد الآخرين ..بيوتنا تنهب وأرواحنا تزهق ومساكننا تدمرها الحروب وبأيدينا .. وتفتك بأهلها المجاعات . نسرق المنح والمساعدات و المعونات والإغاثة والدواء ..ونبيعها في الأسواق ونتشدق بأننا أحفاد الأنصار ..وأحفاد الفاتحين ونحن منبطحون نلوك أعواد القات كالبهائم في الزرائب !!
بيوت الله أصبحت مهجورة ويسكنها الخوف .. ويرتادها السفهاء واتخذوها مجالس قات وسجائر دون مراعاة لحرمتها أو خوفا من الله .. بعد أن هجرها العلماء والخطباء خوفا على رقابهم !!
في اليمن يهان العلماء ويبجل السفهاء والمنافقين والمخبرين والخونة والسماسرة ..يروجون الخمور والمخدرات ويفسدون الشباب ويدمرون الأخلاق وينتهكون الأعراض ويمارسون الموبقات والمنكرات !!
يحاربون الكفاءات والخبرات ..ويقتلون المبدعين .. ويرفعون الفاشلين والسفلة ..
الطيار في عدن قبل الوحدة كان يقود ميج 23 أصبح اليوم عاطل عن العمل ويتنقل بالدراجة ..هل تصدقون ؟ ودكتور الجامعة يعمل خبازا في مطعم ..والمهندس حمالا وعتالا حتى لا يموتوا جوعا ..الشهداء الذين دافعوا عن الوطن بصدور عارية وماتوا في الساحات والجبهات بعد أن تركهم الجبناء نزفوا حتى ماتوا !!
وأصبح اللصوص بعد الحرب .. يملكون السيارات والفنادق والشقق ومحطات الوقود والمزارع … مشا ئخ الفيد و الوزراء والوكلاء والقادة وكبار الموظفين يمتلكون عمارات وعقارات ومصانع وأرصدة في مصر وتركيا وغيرها !!
المتنفذون وتجار الحروب زرعوا لنا الحقد والثارات والكراهية وهم يسيطرون على شركات النفط والغاز وينهبون موارد البلاد والعباد وتذهب إلى حساباتهم البنكية والشعب يتسول اللقمة فلا يجدها !!?الشريف لا يجد الدواء ولا الكساء حتى أصبحت هذه الأمور ترفا في هذا الزمن ألردي.. ومن مرض أو أصيب برصاصة طائشة أو بترت أطرافه بلغم أرضي.. لا يجد من يضمد جراحه ولا ثمن الدواء ويموت وسط حسرة أهله ...بينما أبناء اللصوص إذا أصابت أحدهم حمى ينقل إلى الخارج على وجه السرعة وبعد الشفاء .. تمتد النقاهة إلى 3 أشهر وكلها مسبوقة الدفع !!
حاربنا الشرفاء وأقصينا الحكماء والعقلاء ..وقربنا القتلة وأرباب السوابق والسجون
الطالب عندنا ينجح بالغش والتزوير .. والوظيفة لا تقاس بالكفاءة بل بالواسطة والمحسوبية ..الرتب العسكرية لا تمنح بالكفاءة بل بالسجل الإجرامي وحسب الجنايات التي قام بها صاحبها !!
السارق لا يحاسب على ما سرق ونهب بل يلتحق بمدرسة من سبقوه من اللصوص ويرقى في عمله والمصلحة مناصفة..هذا هو اليمن فمتى يأذن الله بالفرج على هذا الشعب ؟؟..الذي يحلم بالأمن فلا يجده ..والعيش الكريم ولا يناله .. هذا هو الحال في اليمن الذي يهيمن عليه الخونة واللصوص .. وأخيرا نقول: مهما طال ليل الظالم فلا بد له من آخر وموعدكم الصبح ..أليس الصبح بقريب !! ؟؟
د. علوي عمر بن فريد