مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):
عندما كنا صغار
اغلب ذكريات الطفولة لأبناء جيلي مرتبطة بفترة اليمن الديمقراطي ، التي كانت فيها التربية والطفولة نقية الى درجة جعلتنا نصدق ببراءة في القصص الخيالية والحلم بالطيران على بساط الريح ومشاركة ميكي وبلوتو وبطوط في مغامراتهم وحتى اننا حسدنا عمو دهب البخيل على نقوده الكثيرة في الخزنة ، كانت هناك كذلك العاب اطفال جميلة و واقعية مثل كرة القدم والرقع والشبدلوه و الفتاتير ومن كبته طيار ، لذا من خلال منظور ما بعد اختفاء اليمن الديمقراطي من الخارطة السياسية بسبب الوحدة اليمنية بدأت الطفولة الجنوبية الحالية تنظر إلى تلك الحقبة بأنها حقًا "جنة ضائعة" .
اليوم الاحداث والمشاكل التي تدور في عدن وحولها اثرت على التصور الذهني ليس على مستوى طفولة الحاضر فقط ، بل اوقدت كذلك العمليات المعروفة بالحنين إلى الماضي وقد احيت عندي اشياء من الطفولة كانت قد اختفت وتمنيت ان تعود من جديد مثل التعليم المنظم و الانضباط المدرسي والنظافة و الصداقة الحقيقية والامن والبساطة والنوايا الطيبة، تذكرت كذلك كيف عاش والداي وأخواتي كأسرة واحدة كبيرة مع كل الناس من حولنا بأمان وصدق وكيف كان الجيران يساعدون و يعتنون بأطفال بعضهم البعض ولم يغلقوا الأبواب من اللصوص وحتى ألبومات صورنا الشخصية مليئة بالوجوه السعيدة لعائلتي وللجيران والاهل والاقارب والاصدقاء وبابتسامتي مثل المجنون او المصاب بالفصام ، والان حتى التواصل مع بعض الاعزاء من تلك الفترة تشعرنا مباشرة بالحنين لذلك الزمن الرائع وبحالة من العفوية والصفاء والراحة في الحديث معهم .
الكثير من اطفال عدن في وقتنا الحاضر يعيشون وسط الفقر والدمار يعانون من الصدمات النفسية والاكتئاب والقلق والخوف ، بدون دراسة و ألعاب و أدوات و حلويات يبيعون المناديل الورقية و الأكياس البلاستيكية في الشوارع ويجمعون الخردة المعدنية وسط المخاطر على الصحة والسلامة خاصة مع انتشار فيروس كورونا ، ويتميزون عن أقرانهم في البلدان الاخرى بمظهر ثاقب حزين و ذهنية بدائية ، مما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل الجماعات المتطرفة .