مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):
لماذا تعيش النخبة والمواطنون أبعاد مختلفة ؟
هناك إجماع متزايد بين الناس على أن نخبة سياسية وطنية بمعنى الكلمة بعد الوحدة ببساطة غير موجودة وأن هذه المشكلة واحد من اسباب ضعف اليمن وصراعاته ، وبسببها لم تتمكن البلاد خلال ثلاثة عقود من تحقيق تغييرات أساسية في معادلة التنمية والسياسة ، لان من يشارك في ادارة البلاد " نخبة " غالبيتها في وضع " زائف " او " شبه نخبة " مع احترامي للقلة جدا من النخبة الوطنية .
ما هي أسباب هذا الوضع ؟ ، اولا تفرغ غالبية النخبة بعد الوحدة لصراع السيطرة على مناصب البلاد السياسية ومواردها الاقتصادية ، ثانيا الخلافات الحادة بين النخبة ، بسبب الخلفيات السياسية المرتبطة بطبيعة المحتل السابق للشطرين وثقافته و الماضي السياسي للدولتين ومستوى التعليم والتقاليد والقوانين ، ثالثا حماس الغرب وامريكا واملهم في ان يصبح اليمن بعد الوحدة "دولة ديمقراطية" ، و ربطهم هذا الامل بشكل كبير بشخصية صالح ونخبته القديمة الفاسدة ، لكن الزمن أظهر أنه كان غير قادر على تحقيق المهمة التاريخية وفشل حتى في وضع آليات لتشكيل نخبة جديدة.
اراد عفاش الحكم بدون نخبة او معارضة حقيقة لأغراض الديماغوجيا السياسية ، التي كان يديرها ويحركها وقت ما شاء ، وبسبب هذه الفهم العفاشي الجاهل لإدارة الدولة يقف اليوم الجنوب والشمال عند نقطة تحول تاريخي ، ومن أجل ذلك يجب على بقايا النخبة التخلي عن التصفيق والحشود التي تحت الطلب والشعارات التي قتلت الوحدة وعن النماذج الأيديولوجية والتقاليد السياسية التي ظهرت في الخمسينيات والستينيات وما زالت تلعب دورًا مهيمنًا ، وبسببها ضاع الكثير من الوقت الثمين في بناء الدول والشعوب ، وعليها ان تضع نصب اعينها على المهام والمصالح الرئيسية للشعبين .
الحوار باسم شعب واحد وسلطة واحدة ضاع ومنتهي الصلاحية والناس تنتظر التغييرات الشجاعة لا الحشود المأجورة و لا التغريدات الباهتة او التصفيق من القاعات المكيفة الذي ينافس تصفيق الكلاكا الروسية في " البلشوي تياتر " ، بالرغم من ان الكلاكا نخبة فنية ناضجة ، إلا انها تصفق مقابل المال من اجل خلق بيئة نجاح اصطناعية للفنان واعطائه وضع اكبر من حجمة الحقيقي امام الجمهور ، وال "كلاكا " بالنسخة اليمنية ايضا متواجدة في مسارح النخبة والسلطة ، فمعروف أن رجال النخبة في اي دولة عادتا هم أولئك الذين حصلوا على أعلى المؤشرات الايجابية في مجال اعمالهم و وصلوا إلى أعلى مستوى من الكفاءة وشغلوا مكانة عالية وفقًا لدرجة علومهم والشهادات و نفوذهم و نشاطهم السياسي او الاجتماعي او الاقتصادي ، سؤالي للقارئ هل هذا التعريف ينطبق على الكثير من نخبة البلاد ؟ .