د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

عادنا نشتي أهل الجنوب يتيهودوا !!!

عندما قال عامل الإمام يحيى ( عادنا نشتي أهل عمران يتيهودوا ) !!
لكل قصة مثل ولكل سرد تاريخي إسقاط ينطبق على الواقع المر الذي يعيشه الجنوبيون اليوم ويهود عمران بالأمس وما أشبه الليلة بالبارحة !!
وما يحدث في الجنوب اليوم وشعبه لا يشبه ما جرى ليهود عمران بل أكثر منه سادية ووحشية واستباحة لأرضهم وثرواتهم برا وبحرا من قبل المتنفذين والمتدثرين بالشرعية الزائفة إلى حد بعيد !!‍
و لا وجه للمقارنة بين ما جرى ليهود عمران وعامل الإمام يحيى وما يحدث اليوم في الجنوب ..فهو عامل واحد بينما في الجنوب عشرات الأوصياء لنهب ثرواته وتحضرني هنا قصة حقيقية حدثت بين أحد القضاة عينه الإمام يحيى عاملا ليهود عمران تقول القصة :
عندما عين الإمام: يحيى حميد الدين ملك المملكة المتوكلية اليمنية في الأربعينات من القرن الماضي، قاضيًا لمديرية: عمران، وأعطاه" 12" ريال فرنصه (ماريا تريزا ) كراتب شهري معاشا له ، ولكن الرجل اعترض وقال يا مولاي الله يحفظك المبلغ هذا قليل جداً !!!.
رد عليه الإمام: وهو غاضب لا تدحسني وخذ الجزية من يهود عمران فوق معاشك ولا دبر نفسك . فوافق القاضي، وجمع اليهود كلهم ، وأخبرهم: أن يدفعوا له الجزية، وكانت ظروفهم المادية في تلك الأيام صعبة جدا!!
فوقف زعيم اليهود، وقال: يا مولاي العادل " نحن لا نقدر على الدفع، لكن عندي حل: ( جميعنا نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله )، ونكون مثلكم !‍! .
صاح القاضي بأعلى صوته : تدخُلوا في الإسلام ؟
قال اليهودي: وهو مبتسم نعم يا مولاي .
فغضب القاضي.. وأشهر الجنبية فوقهم .
وقال: اسمعوا يا عيال سعيد اليهودي:
حرام وطلاق ثلاث.. لو يسْلِم منكم واحد لأذبحه !!
عادنا أشتي أهل عمران كلهم يتيهودوا !!
(انتهت القصة )
ولكن قصتنا نحن معشر الجنوبيون لم تنته فصولها مع أصحاب الهضبة الزيدية فهم تعودوا منذ مئات السنين على الهيمنة على اليمن ونهب البلاد والعباد بخيراتها ومواردها واعتبارها ملكية تاريخية متوارثة محصورة في السلالة الهاشمية وحراسها ومخالبها من القبائل الزيدية !!
ولسنا هنا بصدد المحاسبة أو اللوم والعتاب على من ورطونا في هذا النفق المظلم المسمى " الوحدة اليمنية " ولكن هذه الأخطاء القاتلة مردها وأسبابها الحقيقية عندما يوسد الأمر لغير أهله من المنشدين والطبالين و الجهلة والمراهقين والمزايدين على الحكماء والعلماء وأهل الحل والعقد من ذوي الخبرة من أهلهم ومواطنيهم واكتفى هؤلاء الحمقى من المراهقين بنظريات فاسدة تبناها كل ضائع وصايع بلا وطن ودخلوا عالم السياسة واتخذوها مهنة لهم واعتبروهم قدوة لهم حتى أوردونا المهالك وشربنا المر والعلقم وأضعنا بلادنا ومزقنا البنية المجتمعية ودمرنا لحمتنا الوطنية واستوردنا كل فكر ضال !!
وقد حاول البعض من الجنوبيين أن يفعلوا كيهود عمران ليسقط عنهم حكام صنعاء الجزية إلا أنهم أبوا وأصروا على أن يبقوا يهودا حتى لو أسلموا مائة مرة فهم يصرون ليس على الجزية ولكن يصرون على استباحة أرضهم ..كل الجنوب بكل موارده حلالا زلالا لهم ّ!!
ولم يحصل ذلك في التاريخ البشري منذ عهد الفراعنة في مصر وأباطرة اليونان والرومان الذين استعمروا العالم القديم أ ن استباحوا موارد الشعوب التي حكموها بهذه الطريقة الجهنمية !!
وياليت الأمر بقي محصورا في دفع الجزية ليتساوى الجنوبيون واليهود فسيكون ذلك أهون وأقل ضررا ولكنهم نهبوا الجنوب بكل حقوله البترولية وما فيه من غاز وثروات فوق الأرض وتحتها ولم تسلم بحاره وأسماكه وحقوله وأطيانه وهو ما لم يفعله الصهاينة بالفلسطينيين حتى اليوم !!
ولم يكتفوا بذلك بل أعلن الحوثيون جهارا نهارا اليوم بأحقية من أسموهم ب "آل البيت " في الخمس كحق مشروع لهم يفرضونه على اليمن وأهله جاء فيه ((أصدرت جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثي) تعديلاً جديداً على قانون الزكاة، ينصّ على تخصيص امتيازات مالية حصرية لمن وصفوهم بـ"بني هاشم" في إيرادات الدولة، عن بقية اليمنيين.
الذي حمل اسم "اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة"، فإنه يحق لـ"بني هاشم" الاستيلاء على ما يسمى الخُمس (20%) من ثروات اليمن، سواء كانت في البر أو في البحر أو ملكاً للدولة أو المواطنين وأعلنت الجماعة تأسيس جهاز جديد مختص بجمع أموال الخمس من اليمنيين، أطلقوا عليها "هيئة الزكاة"، وتسليمها إلى "بني هاشم!!!))

وفي الختام نقول : انه في الوقت الّذي تجتاح فيه هذه القطعان البشرية المتوحشة من الشماليين بلادنا من شبوة إلى أبين وشعبنا الجنوبي الباسل يرفض الاستسلام وينهض من كبوته ليستردّ كرامته وحرّيته المصادرة والمغتصبة من قِبل مليشيات همجية وقطعان السلب والنهب ، نجد الآفاق مسدودة في وجه شعبنا الصابر ، ويصبح المواطن مهمّشاً مهاناً مظلوماً مبغيّاً عليه، ويصبح الوطن مُداراً من قِبل أناسٍ جهلة فيه الأمانة مضاعةً والأمر يوسّد إلى غير أهله، و يصبح النّاس فوضى لا حكماء يقودونهم، بل تكون القيادة للجهّال وأنصاف الرجال ، و يصبح من لا عقل لهم ولا حلم لديهم هم أهل الوجاهة والتّصدّر والقيادة، ويصبح العقلاء الحكماء الحلماء هم الغرباء، وفي هذا الزمن الرّدئ يسخّر الإعلام أجهزته المرئيّة والمقروءة والمسموعة لأخبار أهل الخونة والمرتزقة والمنافقين، ويتجاهل أخبار أهل العلم والإبداع والصالحين والمصلِحين !!
وصدق الشاعر العربي القائل :.
فكم شجاعٍ أضـاع الناسُ هيبتَهُ * * * وكمْ جبانٍ مُهـابٍ هيبـةَ الأسَدِ
وكم فصيحٍ أمات الجهلُ حُجَّتَهُ * * * وكم صفيقٍ لهُ الأسـماعُ في رَغَدِ
وكم كريمٍ غدا في غير موضعـهِ * * * وكم وضيعٍ غدا في أرفعِ الجُــدَدِ
دار الزمان على الإنسان وانقلبَتْ * * * كلُّ الموازين واختلَّـتْ بمُســتندِ
د. علوي عمر بن فريد