ماجدة طالب تكتب لـ(اليوم الثامن):
اليمن .. سلام بعيد الأجل..!!
تكمل الحرب في اليمن عامها السادس .. لكنها تصبح أكثر تعقيدا نظرا لخطورة تركيب النسيج الاجتماعي القبلي المسلح منذ عقود، والذي تحولت من الحرب الأهلية الى معتقدات وصراعات إقليمية، وفي الحقيقة الامر تحرك طفيف لصراع دولي ولدت انعكاسات حرب اهلية طويلة الامد.
ومنذ ازمنة متقطعة متفاوتة تعيش اليمن حروبا اهلية على مر التاريخ، وهي حروب طويلة الأجل ليس فيها غالبا أو مغلوب، لكونها حروب اهلية في البيت الواحد لا تحمل بعدا استراتيجيا سوى حول المنزل والحول والدابة - حرب اليمن حرب اقليمية - الأمر الذي زادها تعقيداً، والذي سيطيل امد من الصراع لقرابة عقد من الزمن، سيما اننا نعيش اليوم عصر التكنولوجيا بتعدد الاراء السياسية وحرية الرأي والذي يشرع الأبواب أمام المزيد من الحروب وتبعاتها الكارثية.
واذا عدنا الى حرب السنوات الماضية نجد انها انهكت الاقتصاد والبئية والثروات الداخلية، وعملت على تعزيز المدخول الخارجي، واثرت في الادارة الداخلية التى اصبحت شبه صورية ومهمشة، ولم يعد للنسيج الاجتماعي اليمني له اثرا حضاريا، بل أصبح مغلفا بشكل جهوي ومناطقي وأكثر عنف ومنها سلالي ادى الى تزايد وتعدد الانتهاكات، وسلب ما تبقى من حقوق المواطنيين العزل والنازحين في الخارج.
كما إن اتساع رقعة الحرب اليوم سيما في الجنوب واطراف استراتيجية في البلاد، وبالأخص الحرب الضارية في مأرب، عزز من قوة العوامل الاقليمية واهدافها، ولا ننسى ان هنالك افرادا يمنيون اعتادوا على تجارة السلاح وموارد الطاقة ووجاهة - منذ سنوات كادوات لاستنزاف الثروات، ولم تعد اللعبة اليوم بيد اليمنيين لانها اصبحت لعبة الأمم التى تتحكم بها ولن تهدأ الحرب الا بعد توازن القوى الاقليمية.
وبإعتقادي اذا القينا نظرة داخلية، ستصل ضرواة الحرب في البيت الواحد او جماعة مع جماعة في الحي الواحد، وينعكس ذلك الى جملة من الولاءات المتعددة للقوى التقليدية والدينية المتخلفة والبعيدة كل البعد عن اسس الدولة الحضارية المتمدنة التي كنا نحلم بها، الامر الذي بدأ يظهر وبشكل واضح لمناطق نشهد فيها الصراع في المناطق الداخلية سيما الجنوب ومدينة تعز ، والبيضاء وحجة وغيرها.
تلك المناطق تشهد تفككا في الجبهة الواحدة، وبدلا من أن الهدف كان واحدا لحرب الحوثي الذي دعت اليه الحكومة الشرعية - تعثرت وتعددت الاهداف بسبب توسع الاطماع الاقليمية بشراء الولاءات بالمال وجميعها تصب في اتجاه خلخلة عملية السلام واسسها في الوقت الحالي.
التدخل الاقليمي الذي وضع اليمن في حرب اهلية محلية محلية غير منتهية، والتي بدأت شرارتها في دخول القوى التقليدية السلالية العاصمة صنعاء بحجة التغيير، اصبح سببا رئيسيا لتدخل الاقاليم في حرب متشظية - تتقاطع مع المطامع الصهيونية لحرب اهلية طولية الأجل في اليمن اضافة في سوريا وبقية الدول - كصراع دولي قادر على ان يمسك بخيوط اللعبة وتوظيفها لخدمتها اقتصاديا.
كل المعطيات تشير ان الحرب ستتطول وستستنزف القوى الاقليمية للحفاظ على مصالح القوى الدولية، والتي ينتج عنها حكومة عاجزة عن تنفيذ مهامها من جهة، وباب مسدود في الحسم العسكري على ارض الواقع من جهة اخرى، الامر الذي يجعل عجلة التنمية حجرة عثرة وتبديلها بالاغاثة والمعونات ومؤسسات لاتقوم بمهامها بشكل المطلوب، فمازال الشعب ينتطر الدولة الافتراضية المنشودة والعودة الى ترتيب الاوراق والعمل على مشروع العدالة الانتقالية وملف الاعمار والاتفاق على الاقاليم وتعديل بنود الدستور الذي توقف فيه اعضاء الحوار الوطني، كأمل ينظر اليه اليمنيون كسفينة سلام ونجاه تمشي وتواكب الاحداث وتنتظر لترسوا بالوطن الى بر الامان.