ماجدة طالب تكتب لـ(اليوم الثامن)
مكاسب بادين في لبنان وأزمته في الخليج وانعكاس ذلك على اليمن
منذ تولي الرئيس بادين مقاليد الحكم حدد آليات إنجازاته المقبلة عبر خطابة والسياسة الخارجية الأمريكية وأهمها إزالة التوترات في الشرق الأوسط، وتعزيز الاقتصاد الأمريكي، حيث فوجئت أمريكا والاتحاد الأوروبي بكارثة لم تكن على الحسبان المتمثلة بالحرب الأوكرانية الروسية، التي أدت إلى أزمة اقتصادية عالمية في مصادر الطاقة، من نفط وغاز.
ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية وتأزم الوضع الأمريكي اقتصاديا، ساهمت بتحول حرب اليمن إلى سبات مؤقت من خلال الهدنة بين الحوثيين والحكومة، كما سارعت عبر مفاوضها هاموس هاشستين، لإنجاز اتفاق ترسيم الحدود اللبنانية مع اسرائيل بعد عقود من العداء بينهما، وأخيرا وافق لبنان وإسرائيل على ابرام اتفاقية تاريخية على ترسيم حدودهما البحرية وكذلك ترسيم المنطقة المتنازع عليها في منطقة قانا، الغنية باحتياطيات النفط والغاز، وتعد هذه الصفقة نجاحا لبايدن في إحراز تقدم في ملف الخلافات اللبنانية مع تل أبيب، وقد يرفع أسهم بايدن السياسية ومع اللوبي الصهيوني، قبل انتخابات التجديد النصفي لكلا مجلسي الكونجرس النواب، والشيوخ، قبيل الشهر المقبل.
إنهال تساءل اللبنانيون عن موافقة حزب الله الممثل بالمقاومة اللبنانية التابع لإيران وحليف إسرائيل في الملف الاقتصادي، والسبب العائد أن المقاومة كرست تواجدها بتهديد حدود إسرائيل كي تنال مصالح حصة لبنان من هذه الثروات ومازال الجانب الإسرائيلي متعنت لهذه الشروط، وفي حال تم توقيع الاتفاق بشكل رسمي سيكشف تبعاته على الشعب اللبناني الذي يعيش ظروفا قاسية ومن حقة أن ينعم بثروات بلادة فما زال الحاكم الفعلي في البلاد حركة أمل وحزب الله.
ومن جهة أخرى يقابل بايدن تهديدا سعوديا عبر قرار بن سلمان مع تحالف أوبك بلاس، بإجماع علمي اقتصادي وليس مسيسا لمصلحة المجتمع الدولي، على خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا ابتداء من شهر نوفمبر المقبل، هذا القرار أثار مخاوف أمريكية من ارتفاع سعر المشتقات النفطية في الولايات المتحدة، وبعد التصريحات النارية من الإعلام الأمريكي والبيت الأبيض بانتقاد السعودية تقف مصر والإمارات والبحرين بجانب السعودية، ويتراجع بايدن عبر انتقاداته بأنه سيقابل الرئيس بوتن في القمة العشرين وسيعمل على ترتيب المصالح السعودية في الأيام المقبلة
كل تلك المعطيات والتغيرات الاستراتيجية، أعطت جماعة الحوثي، الجرأة قبيل انتهاء الهدنة بالتهديد بضرب شركات النفط في الداخل وفي دول الجوار، ليأتي الوفد السعودي الزائر إلى صنعاء ليكشف عن استكمال مسار الهدنة والسلام بين الجانبين، عبر ملف الأسرى، فالسياسة الخاصة للجماعة تجاه دول الجوار لا تختلف عن سياسة حزب الله تجاه إسرائيل وهذا ما اعتادت عليه الحوثية خلال حروبها، وبرغم الجوار الذي يربطنا بدول الخليج، فشلت بلادنا منذ سنوات بتحديد العلاقة والمصالح معها، فاليمن تعيش بين حالتين، إما دولة هشة وتابعة بسبب الإخوان المسلمين ومشايخ حزب الإصلاح، أو في سياسة العداء التي أدت إلى حروب مدمرة.
لم تشهد اليمن سياسة حكيمة مثلما كان الوضع على سبيل المثال في عهد الحمدي والسلال، وعلى العكس تماما في عهد علي صالح التي كانت اليمن فيه تعيش تبعية مدمرة، رغم الديمقراطية الهشة، البعيدة عن الديمقراطية الاجتماعية والعدالة والمساواة، وإيجاد جيش مستقل يعمل لصالح الوطن.
وبالتزامن مع حراك الأكراد الذين يمثلون أكبر نسبة في إيران، داخليا، واخفاق المافيات الاقتصادية، تنتهز السعودية والخليج التقارب مع الحوثي لمعاهدة سلام دائمة، فكل ما تحتاجه اليمن، ترتيب البيت اليمني من الداخل والسعي إلى سلام دائم بين اليمنيين لتحترمهم جميع الدول، لكن غالبية المجتمع اليمني يرفض الحوثي بسبب سياسية القمع لمعارضيه والمستقلين والمرأة وقمع الديمقراطية والحرية، وتعزيز الاقتصاد غير المشروع والتهريب والحروب المتقطعة، وما يسببه كل ذلك من كوارث إنسانية وسعت فجوة الفقر والنزوح.. فهل سنشهد السلام بين اليمنين، أم أن إصرار الحوثيين برفع سقف مطالبهم وتعنتهم سيجعل من الشعب ومستقبله أسيرا لمصالحهم.