مؤسسات كما هي تحبو وتئن
الرثاء المؤجل!
استمرار نزيف الدم الجنوبي على هذا النحو المرعب،في معارك ما وراء الحدود ، يبعث على القلق والوجع ،ويتضاعف هذا القلق درجات حينما يكون هذا الدم هو دم صفوة القادة والرجال الصناديد.
حين وضعت الحرب أوزارها ،بتحرير عدن وباقي محافظات الجنوب باستثناء مناطق في شبوة ومكيراس ،تنفس الشارع الجنوبي الصعداء ،وتصاعد منسوب الأمل لدى الحالمين بوطن جنوبي جديد ، في أن تسهم الكوادر الجنوبية في بناء مؤسسات دولتها المدنية والعسكرية التي دمرها نظام صنعاء وحروبه الممتدة على أرضنا منذ يوليو 94م حتى يوليو 2015م.
مر العام ويكاد الآخر يدخل نصفه الثاني ،و مازالت مؤسساتنا كما هي تحبو وتئن ،فيما قادتنا ورجالنا ، يمضون فرادى وجماعات شهداء في معارك أغلبها للأسف ليست معاركهم ، أو على الأقل ليست هي معركتهم الأساسية التي ينبغي ان يخوضوها بكل هذا الحماس .
بالنسبة لي وللبسطاء أمثالي ، يستفزنا ان يفوق عدد شهداء مديرية صغيرة كطور الباحة أو ردفان أو المحفد بفقرها ،وضيق عيش أهلها ،ممن سقطوا دفاعا عن تعز والبقع عدد شهداء مديريات مترامية الأطراف في صعدة أو تعز ممن كان ينبغي إن تكون معارك تحرير مدنهم بالنسبة لهم هي معارك حياة أو موت.
والأكثر استفزازا إن تسارع وسائل إعلام شرعية فنادق الرياض إلى سرقة شرف الانتصارات التي تحققت بفضل هذه الدماء وهو أقل حق لهم ولأسرهم ولو من باب الاعتراف بالجميل.
أقف اليوم عاجزا عن أن أكتب مرثية فخر في الشهيد عمر سعيد الصبيحي شهيد معركة الرمح الذهبي لتحرير تعز ورفاقه وهم من عموم محافظات الجنوب ،كما عجزت قبلها عن رثاء شهداء الجنوب الذي غدر بهم في الشريجة أو البقع او معسكر العمري قبل نحو عام ، عجزت إن أقول لهم طبتم أحياء وأمواتا ويكفيكم فخرا إن الوطن قد انتصر بكم ،والسبب في هذا ان هنالك من يشعرنا بالحسرة الحقيقة على رحيلهم وهم ينزع عنهم بطولاتهم وينسبها إلى مقاومة نائمة لم تتجاوز بعرة واحدة في تبة البعرارة.
يبدو إعلاما عقيما ومستفزا هو إعلام شرعية الإصلاح وهو يسارع لسرقة الشهداء شرف انتصاراتهم ومجد الشهادة التي نالوها ،وينسبها لرجاله ليتحدثوا من مبارز القات في عن انتصارات لم يكن لهم شرف تحقيقها ،بل سيكونون هم أول من يفرط بها كما فعلوا في انتصارات سابقة في ذات المناطق وفي ظروف مشابهة.
قد ينظر البعض إلى المعارك التي يخوضها الجنوبيون في تعز على أنها تأمين للحدود الجنوبية ،ومعارك البقع بصفتها معارك ثار لما تعرض لها قادة وجنود ورجال دين جنوبيون في هذه المحافظة،لكنني اعتقد إن معارك شبوة ومقاومتها التي خذلها الجميع ،وكذا مكيراس ،هي من ينبغي ان نخوضها جميعا.
الخلاصة اننا نشعر بكثير حزن لأنهم لم يكتفوا بمصادرة ثروات الجنوب وتدميره وقتل رجاله لأكثر من ربع قرن ، لكنهم مستمرون في ذات النهج حتى ول بهم الحال حتى لمصادر مجد الشهادة ومفخرة الانتصار ،فما الذي أبقوه لنا