حميد طولست يكتب:
ليس المشكل في اختيار نمط التعليم !
بدأت الحيرة تجتاح الآباء مع احتمال عودة فتح المدارس، وازدادت حدتها بقرب الدخول المدرسي ، وتفاقم وقعها بعد قرار وزير التعليم بإشراك الأسر في اختيار نمط تدريس الذي تحبذه لأبنائها ، التخيير الملغوم الذي يستبعد الكثيرون أن يكون تفضلا أو كرما منه ، أو حتى من باب إحقاق حق الأسر في تدبير مصير فلذات أكبادها، ويعتبرونه مجرد هروب من مسؤولية تبعات عودة الانتظام بالدراسة المرتبطة بإتفاقم مخاطر الوباء ، وعودته عودة شرسة تشكل كارثة متوعِّدة بالمزيدٍ من حصد الأرواح في المدارس والمجتمع بما يفوق ما كانت عليه في بداياتها ، خاصة مع الحقيقة المرّة التي تصدمنا بها المؤشرات الدولية في التنمية البشرية ومستوى التعليم والتي تصنفنا في أسفل السلم ، والتي يؤكده وضع مدارسنا - ليس بمدن الهامش وقرى الفقر ومداشر العهد الحجري والجبال الباردة ، ولكن بقلب حواضر البلاد التي تتبجح بالعلم والجمال والاقتصاد -الناقصة التجهيزاتِ، المُهملَة الصيانةِ ، بمعلميها المحبطين الشاردين في هموم اليومي ، ومصاعب الحياة ، والتي يعد معها القرار الضبابي الذي اتخذته الوزارة الوصية بخصوص الدخول المدرسي والتعلم عن "قرب" أو "بعد" ،
مغامرة غير محسوبة العواقب وتستدعي التحسب والتروي والاعتدال كضرورة وواجب ، حتى يُتمكن من تقدير المواقف الصحيحة وبنائها على الاستراتيجيات العلمية الواضحة ، المعتمدة على المقاربات السيكولوجية والسوسيولوجية والنورولوجية واللسانية والأنتروبولوجية والفلسفية والاقصادية والثقافية والبيداغوجية ، البعيدة عن المقاربات المتعاملة مع التعليم بمنطق توازنات الأسواق –الربح والخسارة- كأي خدمة المنتجة.
فلا إفراط يوقع في الارتجال ، ولا تفريط يفاقم مخاطر هذا الطارئ العنيد الْمُلازم، والسريعِ الانتشار، وكما يقال أن حس المسؤولية يقاس بحسن التدبير الذي يعني الدفع بعجلة الأحداث والحرص على إيصالها إلى بر الأمان بلا أضرار أو بأقلها، وكلي يقين أنه لا أحد يشك ذكاء وحسن نية وقدرات مسرولي التعليم بلادنا على إيجاد الحلول الملائمة لما يعترضه من مشاكل ومصاعب .
فرجاء لا تطبقوا سياسة النعامة مع هذه الخدمة الاجتماعية والمجتمعية التي تعتبر أمنا قوميا يشكل أمن وسلامة الدولة واستمرارية استقرارها ، ومحركا أساسيا لتطور المجتمع ، والذي في التخلي عن الإهتمام بشأنه ، تشديعا لظاهرتين خطيرتين هما: سقوط الأخلاق ونمو ثقافة العنف ، الأضحى كالسلب والنهب والسطو المقيت جداً وتستدعي استنفار كل مشاعر البغض والاشمئزاز، و الذي رأينا نموذجا مصغرا منه قبيل عيد الأضحى.