محمد خلفان يكتب:

الإمارات تحتفل باليوم الوطني السعودي

من الطبيعي جدا اهتمام دولة الإمارات، قيادة وشعبا، بمشاركة الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وبشكل مميز، احتفالاتهم بمرور تسعين عاما على إعلان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عن توحيد الدولة السعودية في 23 سبتمبر من عام 1932 تحت اسم المملكة العربية السعودية.

فالعلاقة بين البلدين تاريخية، وهي تحتل اليوم موقعا استراتيجيا مهما في فكر القيادتين، كنتيجة طبيعية لحالة التنسيق بينهما على كل المستويات التي فرضتها العديد من التحديات والمتغيرات على الساحة السياسية في الإقليم وفي العالم، ربما أخطرها الفوضى الأمنية وحرب اليمن، وما تبعها من محاولات لتشويه علاقتهما من قبل بعض الدول، سواء جاء ذلك من إعلام النظام القطري أو الإعلام التركي والإخواني بشكل عام، وبالتالي لا يمكن أن تمر مناسبة وطنية سعودية، دون مشاركة إماراتية فاعلة.

“معا للأبد” هو “الثيم” أو الشعار الذي تم وضعه في دولة الإمارات ليجسد طبيعة المناسبة ويفسر العلاقة التي تربط البلدين، ولعله يجيب أيضا على بعض أسئلة التفاعل الشعبي الإماراتي، فهذا الإحساس أو الشعور العاطفي الذي يوجد بين الشعبين لاحظه الكثيرون على أرض الواقع، من خلال المشاركة في حرب اليمن، والتي قدم فيها البلدان شهداء من الجانبين، وكذلك من خلال التنسيق في العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، منها على سبيل المثال، مواجهة تيارات الإسلام السياسي في الدول العربية، ومنها أيضا مواجهة التمدد التركي والإيراني في الدول العربية وغيرهما. كما يمكن ملاحظته من خلال الحملات الإعلامية التي تستهدف كلا الطرفين، حيث يتشارك الطرف السعودي والطرف الإماراتي في الدفاع عن سياسة الآخر.

باتت العلاقة بين البلدين تتعدى السياسة، وفق المفهوم المتعارف عليه بأن العلاقة السياسية تنتهي بانتهاء المصالح، لأن الشدائد والأزمات التي مرت بهما رسخت الكثير من المفاهيم الجديدة في مفهوم العلاقات التاريخية والمصير المشترك. فاستدعاء ما تم خلال الفترة من عام 2015، حيث تم إنشاء المجلس التنسيقي السعودي – الإماراتي عام 2016، هو من المؤشرات بأن اللغة السياسية بين البلدين تجاوزت، في مواجهة تحديات الأمن الوطني للبلدين وتحديات الأمن القومي العربي، الحدود لتصبح لغة سياسية واحدة تعبر عن دولة واحدة.

المزاج السياسي الشعبي في البلدين يؤكد أن هناك قناعة بأن كل طرف منهما بات مهما بالنسبة للطرف الآخر، نتيجة لما تعرضا له من استهداف مشترك، وبالتالي فإن التفاعل المشترك، في المناسبات التي تخصهما، هو رسالة للخارج وللدول الأخرى لفهم أبعاد تلك العلاقة، وأن مستقبلها، على المدى المنظور على الأقل، سيكون أكثر تماسكا وتلاحما، لأنها ليست خيارا بقدر ما هي ضرورة استراتيجية، فالتغيرات في المنطقة لا تؤمن بالعمل الفردي لكل دولة، وعليه لا يمكن وصف مشاركة الإماراتيين لليوم الوطني السعودي والعكس، بأنها نوع من المجاملة الدبلوماسية.

في طبيعة العلاقة الإماراتية – السعودية هناك عاملان اثنان يستوجبان من باقي الدول العربية الاستفادة من تجربتهما؛ العامل الأول، أن الدفاع عن الأمن الوطني لا يمكن تحقيقه بالاستعانة بالآخرين خاصة من الدول التي لديها مشروعات سياسية ضد الدول العربية، مثل إيران وتركيا، فهاتان الدولتان مساحة أطماعهما هي الدول العربية فقط.

العامل الثاني، أن التفكير الاستراتيجي لتهديدات الأمن الوطني للدول ليس شرطا أن يكون استهدافا مباشرا، لأن هناك ما يعرف بـ”الأذرع السياسية” أو الحرب بالوكالة، من خلال الاستعانة ببعض المخربين، سواء كانوا تنظيمات إرهابية، أو أصحاب أفكار طائفية، هي أحد أنواع مصادر التخريب، وبالتالي لا ينبغي تجاهلها أو غض الطرف عمن يقف وراءها.

مكانة المملكة العربية السعودية، حكومة وشعبا، لدينا في دولة الإمارات ليست مجرد مكانة تاريخية، أو جوار جغرافي فحسب، بل هي مكانة يشكل فيها كل طرف عمقا استراتيجيا للطرف الآخر، في جوانبه الجغرافية والعسكرية والاقتصادية. كل منهما بات يعتمد على الآخر، ومن هنا تكون مشاركتنا لاحتفالاتهم باليوم الوطني التسعين مسألة طبيعية.