محمد خلفان يكتب:

القرضاوي الابن يواجه العدالة الإماراتية

ما إن اتخذ لبنان قراراً بتسليم عبدالرحمن يوسف القرضاوي إلى دولة الإمارات، حتى سارع بعض المنتمين إلى كيانات وتنظيمات إرهابية، على رأسها جماعة الإخوان، إلى إظهار مسألة تسليم القرضاوي المطلوب على أنها عملية سياسية وليست قانونية، وبها إجحاف بحقوق إنسان بريء.

اتهامات تنظيم الإخوان تنافي الحقيقة والواقع، فتلك الحملات مغرضة وتستهدف العدالة الإماراتية وإجراءات مواجهة الإرهاب والإرهابيين، وقد اعتدنا على سلوكياتهم التي دائماً ما تتغافل الحقائق الثابتة وتتجاوز المسببات وراء ما تقوم به الدول والحكومات لحماية أمنها واستقرار شعوبها، من منطلق أنهم مثيرو الفوضى والخراب.

الحقيقة أن الدولة اللبنانية لم تبادر إلى اعتقال عبدالرحمن القرضاوي من غير سبب. ولم تتخذ أي إجراء بحقه، لا قانوني ولا غيره، حين دخل لبنان وخرج منها إلى سوريا عبر الحدود. وبالتالي فإن أي حديث عن ضغوط مورست من الخارج على السلطات اللبنانية، ينفيه الواقع والمنطق. ولو كانت تلك الخطوة اللبنانية استجابة لأي ضغط أو مطالبة، فإن وجود أحكام قضائية نهائية صادرة بحق القرضاوي في مصر، كان كفيلاً بأن يتم توقيفه بمجرد دخوله الأراضي اللبنانية، من قبل أن يعبر الحدود إلى سوريا. لكن ذلك لم يحدث، ما يعني أنه ببساطة لا مصر ولا دولة الإمارات تتربصان بابن القرضاوي أو كانت تحرض ضده.

إن توقيف عبدالرحمن القرضاوي تم بناءً على طلب قانوني نقلته السلطات القضائية في دولة الإمارات إلى لبنان، يتضمن اتهامات محددة موجهة إليه وتستدعي تسلمه للتحقيق معه بشأنها.

تلك الاتهامات مرتبطة بفيديو صوره وبثه بنفسه على وسائل التواصل من داخل الجامع الأموي في دمشق أثناء زيارته لسوريا في السابع والعشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقد تضمن الفيديو تجاوزات صريحة واتهامات مباشرة وعلنية لدولة الإمارات (ويمكن الرجوع إلى الفيديو للتأكد)، كفيلة بالإساءة إلى سمعة الدولة والافتراء عليها باتهامات زائفة لتأليب الرأي العام ضدها. وهو ما يندرج ضمن جرائم سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بسوء نية لتحقيق أهداف مغرضة، هذا كله فضلاً عن الارتباط المعروف لابن القرضاوي ولأبيه مع جماعة الإخوان الإرهابية.

ومن ثم، فإن مطالبة دولة الإمارات للبنان بتسليم ابن القرضاوي، جاءت في إطار قانوني بحت. وبعد وقوع الجريمة لا قبلها، ما ينفي جملة وتفصيلاً أي شبهة تسييس. كما أن السلطات اللبنانية تحرت الدقة والعدالة في التعامل مع هذا الملف رغم حساسيته، ذلك أن ابن القرضاوي يحمل الجنسية التركية، لكنها مكتسبة بينما جنسيته الأصلية مصرية.

ورغم أن القاهرة طالبت هي الأخرى باستعادته لصدور أحكام قضائية نهائية ضده، فإن الطلب الإماراتي كان سابقاً على الطلب المصري، ما دفع السلطات اللبنانية إلى تسليمه إلى دولة الإمارات.

ما تثيره بعض المنظمات والجهات التي تدعي الاهتمام بحقوق الإنسان، فضلاً عن الأبواق التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، ليس إلا محاولة للضغط على كل من دولة الإمارات وتركيا لإنقاذ ابن القرضاوي من جزاء ما اقترفته يداه، من خلال التشويش وافتعال ممارسة ضغوط أو استخدام ثقل ومكانة دولة الإمارات في التأثير على القرار اللبناني، وهو ما لم يحدث من دولة الإمارات لا في هذه المسألة ولا في غيرها. إذ تحترم دولة الإمارات سيادة واستقلالية لبنان وتقدر عدالة القضاء اللبناني ونزاهة الحكومة اللبنانية وموضوعيتها.

وكما أن للبنان هذه المكانة والاحترام لدى دولة الإمارات، فإن دولة الإمارات بدورها تحظى بمكانة متميزة لدى اللبنانيين. فلبنان، شعباً وحكومة، يثق تمام الثقة بأن دولة الإمارات تسير وفق نهج ثابت لا تحيد عنه، أساسه العدل والمساواة والنزاهة وكرامة الإنسان، ليس فقط للمواطنين أو حتى للمقيمين، وإنما للبشر جميعاً، حيث القيم الإنسانية لا تتجزأ.

إن العدل والنزاهة والموضوعية قيم تتمسك بها دولة الإمارات وتطبقها مع الجميع دون تمييز، بمَن فيهم أولئك الذين يسيئون إليها. وإن كان البعض يتطاول على دولة الإمارات زوراً وبهتاناً، فإن العالم أجمع وليس لبنان وحده، يدرك جيداً أن هذه الدولة تراعي الحقوق الإنسانية، ولكنها في الوقت نفسه لا تتسامح في حق استقرارها وأمنها فهو: خط أحمر.