سعيد عبدالله بكران يكتب:
النظام الجمهوري عند الحركية الإسلامية
الحركية الإسلامية أو كما يسمون أنفسهم الفكر الديني المستنير، لديه موقف رافض وثوري ضد الملكية السياسية كنظام حكم وليس ضد الإمامية السياسية..
وهو يرفض الملكية لأنها ترفض مزاحمتها في السلطة من أئمة الدين ومن القبيلة..
ترفض الحركية الإسلامية الملكية أيضاً لأنها نظام حكم نهائي حسمت فيه مسألة الصعود للسلطة بنظم عائلية، وهذا الحسم يسد الطريق أمام تطلعات الإسلاميين الحركيين في الوصول لسدة الحكم وبشكل نهائي..
وفي اليمن خطف تنظيم الإخوان والحركية الإسلامية ثورة سبتمبر التي قامت في الأساس ضد الإمامية السياسية التي كانت هي أيضاً النظام الملكي.
فملك المملكة المتوكلية هو الإمام الديني أيضاً وهو نموذج ملكي ديني ظلت اليمن تحكم به كاستثناء تاريخي بعد أن اندثر الجمع بين الملك والإمامة الدينية.
يصف الإسلاميون الحركيون أنفسهم بتيار الإصلاح الديني ورجال الفكر الديني المستنير الذي يرفض الملكية كنظام حكم سياسي ولا يقبل المساس بالإمامية السياسية الدينية.
أنتج هذا التيار الذي يرفض الملكية ويجاهد من أجل تمكين أئمة الدين من الحكم السياسي مشروع الجمهورية الإسلامية.
وأبرز تطبيقات هذا المشروع موجود في إيران وفي اليمن الجمهوري بعد هزيمة ثورة التغيير الناصري الحقيقية.
وهو موجود الآن في صنعاء إذ الحكم الشكلي جمهوري والفعلي إمامي لرجل الدين عبدالملك الحوثي وجماعته الدينية..
وكذلك في لبنان حيث يحكم فعلياً الجمهورية اللبنانية رجل الدين الإمامي السياسي حسن نصر الله..
والنظام الجمهوري الإسلامي هو نفس ما يناضل الإخوان المسلمون من أجله ويسمون نضالهم بتيار الإصلاح الديني والفكر الديني المستنير وهو حكم فعلي لرجال الدين على الشكل الجمهوري تشريعاً ونمط حياة وتموضعات إقليمية ودولية وارتباطا عالميا..
النظام الجمهوري عند الحركية الإسلامية يتيح لباساً وغطاءً حداثياً جديداً مخادعاً للإمامية الملكية.
اليوم يتصارع الإخوان والحوثيون في اليمن من أجل إقامة الجمهورية الإسلامية كل طرف يدعى أنه يملك نسختها بالفكر الصحيح.
والطرفان يصارعان أي مشروع للجمهورية الوطنية ويتحدان من أجل هزيمة القوى التي ترفض جمهوريتهما الإسلامية التي يعيقها في الأصل طرفا الإسلام الحركي ذاته بنسختيه.
فتكون إمامية جمهورية بدل الإمامية الملكية وفي كلا الحالتين يكون المتضرر الحقيقي هو الدولة الوطنية التي تجعل المصالح الوطنية فوق كل الاعتبارات الفكرية والدينية.
فلا دولة مع الإمامة ملكية كانت أو جمهورية.
لدينا نماذج كثيرة لأنظمة ملكية وطنية في أوروبا وفي العالم العربي أنتجت دولة وطنية حديثة.
ونماذج الجمهورية الإسلامية التي لم تنتج إلا حكم إمام دين وجماعته وفقرا وخرابا وحروبا وصراعات لا تنتهي داخل الأوطان وخارجها وضعف الدولة.