محمد عبدالله القادري يكتب لـ(اليوم الثامن):

26 سبتمبر و14 أكتوبر.. بين انشقاق 11 فبراير وانقلاب 21 سبتمبر

في هذا المقال سأتحدث بنوع من المصارحة ، منتقداً الاحزاب السياسية وغالبية أبناء الشمال والجنوب ، محاولاً الاختصار ما استطعت في ذكر الاخطاء التي كانت سبباً في ما وصل اليمن إليه بشماله وجنوبه .
 السؤال الذي نطرحه هنا لماذا قام الانقلاب الحوثي بعد مدة ثلاث سنوات فقط من حدث ما يسمى بثورة 11 فبراير عام 2011 .
بعد قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962 ، حدثت عدة انقلابات داخل الحكم ولكن لم تسقط الجمهورية وتعود الامامة.
وكذلك في الجنوب حدثت عدة انقلابات في الحكم قبل الوحدة ولم يسقط اليمن الجمهوري لجنوبي ، ولكن في عام 2011 عندما حدثت تلك الموجة في الناتجة عن ما يسمى بالربيع العربي ، بعدها بمدة بسيطة وقع الانقلاب الحوثي الذي سيطر على صنعاء واتجه نحو عدن ليصطلي بناره الشمال والجنوب معاً  ، وكان بمثابة عودة الامامة والاحتلال معاً حيث انه ليس سوى عودة الاسرة التي كانت تحكم شمال  اليمن قبل ثورة 26 سبتمبر وعودة الاحتلال الذي كان يحكم جنوب اليمن قبل ثورة 14 اكتوبر ، الا انه احتلال إيراني وليس بريطاني فالنظام الذي يمارسه الحوثي هو نظام إيراني فكرة ومنهجاً ودعماً يهدف لسيطرة إيران على الشعوب العربية عبر ادوات من داخلها تدين بالتبعية والولاء الكامل لها .
 الاجابة على السؤال السابق تشير على ان حدث 11 فبراير في اليمن هي التي كان سبباً في حدث 21 سبتمبر 2014 .
ولا يمكن هنا ان نسمي 11 فبراير ثورة ، انما هي مجرد انشقاق داخل النظام الحاكم من حيث ليثور ضد بعضه .
في بداية ايام احداث 11 فبراير صرح كثير من قياديي حزب الاصلاح ان تلك الثورة الشبابية امتداد لثورة 26 سبتمبر وتنفيذ لاهدافها وانقاذها ، ولكن انقلاب 21 سبتمبر بين ان 11 فبراير هي من وفرت بيئة مناسبة للقضاء على ثورة 26 سبتمبر .
 ما يجب ان نلفت النظر إليه هو واحدية الثورة 26 سبتمبر و 14 اكتوبر ، فابناء الجنوب كان لهم دور في تفجير ثورة 26 سبتمبر في شمال اليمن من حيث دعم ثوارها وايوائهم في عدن عند فرارهم من ملاحقة الامامة ، وابناء الشمال كان لهم دور في تفجير ثورة 14 اكتوبر الذي انطلقت ضد الاحتلال البريطاني بعد عام واحد من الثورة ضد الامامة بالشمال ، وواحدية الثورة جاءت من واحدية المعاناة الناتجة من واحدية التعامل بين الاحتلال والامامة في التعاون بينهما والتنسيق بما بقاء كل منهما في حكم اليمن .
وواحدية الثورة نتج عنها تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990 ، والتي كانت تفترض ان تكون ترسيخاً لأهداف الثورتين عبر قيام مشروع دولة قوية يستفيد منها الشمال والجنوب وترسخ اهداف سبتمبر واكتوبر.
هناك اخطاء ارتكبها الجميع كأطراف سياسية في الجنوب والشمال من حيت التسبب في وجود نظام إيراني في اليمن اكتوى الجميع بناره وشكل تصادماً بين الثورة السبتمبرية والاكتوبرية .
الرئيس السايق صالح يتحمل الخطأ من حيث عدم بناء مشروع دولة قوي من بعد تحقيق الوحدة حتى عام 2011  وميوله نحو الحوثي بعد تنحيه من السلطة من اجل محاربة خصومه السياسين الذي تحالفوا مع الحوثي لاسقاطه عام 2011.
الحزب الاشتراكي اليمني وحزب الاصلاح يكمن خظأهم في عدم انتهاج طريقة التغيير المناسبة .
فاليمن الواحد بعد عام 90 اوجد بيئة ديمقراطية تتيح التغيير عبر الانتخاب كترسيخ لاهداف سبتمبر واكتوبر ، واي تغيير بالحرب والثورات ليس الا عامل للانقضاض على الثورتين.
كان باستطاعة الحزب الاشتراكي ان ينجح ديمقراطياً وكان باستطاعة حزب الاصلاح ايضاً لو انظر اولئك للواقع اليمني من منظر حكيم وتعامل موضوعي .
بعد الوحدة اليمنية اخطأ صالح وحزب الاصلاح من اقصاء الاشتراكي والسعي لزحلقته مما جعله يندفع لاعلان الانفصال .
ولكن الحزب الاشتراكي اخطأ ايضاً ، من حيث التعامل الخاطئ مع اقصاءه وزحلقته .
لم يكن خطأ الاشتراكي في الوحدة ولكن خطأه في عدم طرح شروط للوحدة تتمثل في بناء مشروع دولة قوي تتيح التقاسم كرسي الرئاسة فترة بفترة بين الشمال والجنوب ويتنافس الطرفان في تقديم الاداء الافضل بما يخدم ابناء الشمال والجنوب .
ايضاً كان علي سالم البيض في اعلان الانفصال والتراجع عن الوحدة ، ولو كان حكيماً لكان يتعامل مع ما تعرض له بعد الوحدة من قبل صالح والاصلاح في الانحياز لصف المعارضة .
فبعد الانتخابات النيابية في عام 1993 التي حصل فيها الحزب الاشتراكي على 56 مقعداً ، كان الاحرى بالاشتراكي ان يقف بصف المعارضة ويتمسك بالوحدة ويعمل بطريقة تمكنه من الوصول لحكم اليمن بأكمله.
ما كان يحتاجه الحزب الاشتراكي بعد الوحدة هو تصحيح اخطاءه ليظهر بعد الوحدة عكس ما كان قبلها من حيث انه حزب ليس ضد الدين ونظامه شعبي منفتح يحتوي الجميع ويتسم بالتنوع.
رغم ان الحزب كان يمتلك عقليات بامكانها ان تقدم مشروع دولة وتجعل اليمنيين يلتفوا حوله .
الحزب كان لديه عدة الوية عسكرية واسلحة كثيرة ولو اتجه  نحو المعارضة لكان يحتفظ بتلك القوة العسكرية ويتوسع نجاحه في الانتخابات في الجولات القادمة. . ولكن اتجاهه نحو الانفصال جعله يخسر قوته العسكرية وقاعدته الجماهيرية ، وخسارته في حرب 94 لا يعني ان قوته العسكرية ضعيفة حيث انها لم تصمد اكثر من شهرين ، ولكن لأن تلك القوات ليست مقتنعة بالانفصال عموماً وكذلك غالبية ابناء الجنوب حينها.
اذا كان الاشتراكي حصل على 56 مقعداً في الانتخابات النيابية عام 93 ، كان بامكانه ان يحصل على 70 مقعداً عام 97 لو اتجهت لصف المعارضة ولم يعلن الانفصال وايضاً كان سيحصل على مائة مقعد في انتخابات عام 2003 .
وكذلك علي سالم البيض كان بامكانه ان ينافس صالح في الانتخابات الرئاسية حيث ان اليمنيين كانوا بعد الوحدة يدركون ان علي سالم افضل من صالح من حيث العقلية والوطنية وكان الغالبية يحترموه بالذات في المناطق الوسطى إب وتعز والحديدة الذي كانت سترجح كفة البيض انتخابياً امام صالح ويصعد البيض للرئاسة ويحكم الشمال والجنوب .
ايضاً نلاحظ تحسن الحزب الاشتراكي في العملية الديمقراطية التي شارك بها بعد حرب 94 ، ففي انتخابات 97 حصل على مقعدين او ثلاثة في انتخابات 2003 حصل على ثمانية مقاعد ،اذا كان الاشتراكي حصل على هذه المقاعد بعد حرب 94 وهو منهار محطم شبه موجود ، فلاشك انه كان سيكسب الجولة الانتخابية في عام 2003 بغالبية اعضاء مجلس النواب ويشكل الحكومة لوحده لو انه انتهج النضال الديمقراطي واتجه للمعارضة من بعد عام 93 ولم يتجه نحو الانفصال.
 كذلك حزب الاصلاح الذي ترك العملية الديمقراطية كوسيلة للتغيير وطريقة للوصول للحكم ولجأ إلى الشارع ليساهم في ايجاد الانقلاب الحوثي ومحاربة ثورة 26 سبتمبر و14 اكتوبر.
يتحمل الاصلاح جزء من خطأ ضعف مشروع الدولة والفساد والفشل قبل عام 2011 كونه كان متشاركاً مع صالح في السلطة والحكم ، ويتحمل الاصلاح جزء من مسؤولية اسقاط مشروع الدولة عبر الانقلاب الحوثي كونه وفر البيئة لقيام ذاك الانقلاب الذي ولد من رحم احداث 11 فبراير التي كان الاصلاح راعيها الكبير .
لو استخدم حزب الاصلاح الدعم المادي الذي قدمته قطر لتمويل حدث عام 2011 بالفوضى للمشاركة في انتخابات النواب عام 2009 التي قاطعها ، لكان الاصلاح كسب الجولة وفاز بالاغلبية ، ولكنه قاطع العملية الانتخابية واتجه نحو الفوضى ليخسر بعدها السلطة ويخسر اليمن .
كان الحل لليمن بعد الوحدة يتمثل بالعمل الديمقراطي والنضال الشعبي السلمي  عبر صندوق  الاقتراع شريطة ان تكون الانتخابات بنظام البصمة ووجود رقابة دولية في كل مركز انتخابي.
 الكلام في هذا الموضوع كثير جداً والدلائل والشواهد متعددة ، واظن اني قد اطلت ، وإلى هنا اكتفي مع معذرتي للقارئ الكريم على الاطالة.