محمد عبدالله القادري يكتب لـ(اليوم الثامن):
حكومة هادي واضاعة فرصة تحرير الحديدة
الهجوم الحوثي الأخير في محافظة الحديدة المستهدف اطراف المدينة والدريهمي وحيس ، كان بمثابة قضاء تام على اتفاق استوكلهوم ، وأوجد فرصة ذهبية لصد الحوثي والتقدم لتحرير كامل مدينة الحديدة ، ولكن ترحيب خارجية الشرعية بدعوة المبعوث الأممي غريفيث المتضمنة للتهدئة والالتزام باتفاق السويد ، كان بمثابة ضياع فرصة تحرير الحديدة ، وكان المفروض ان تتعامل الشرعية مع تلك الدعوة بعدم الاستجابة لها واعتبار اتفاق استوكلهوم لم يعد يهمها ولم يعد له اي معنى او قبول وقد قُضي عليه من قبل الحوثي الذي يتحمل المسؤولية لوحده .
أما ان ترحب الشرعية بتلك الدعوة فإنها تعتبر مغفلة تقف ضد تحرير الحديدة وتتواطؤ مع المبعوث الأممي الذي اتضح وقوفه جلياً مع الحوثي ، كما أنها تتواطؤ مع الحوثي نفسه.
ثلاث طرق يتعامل بها الوسيط او راعي الاتفاق مع الطرف الذي ينقض الاتفاق.
الأولى : عقوبة الطرف الذي نقض الاتفاق وتولي الوسيط تنفيذ العقوبة لتصبح المعركة بعد النقض بين راعي الاتفاق وبين الطرف الذي لم يلتزم بالاتفاق .
الطريقة الثانية : توحد موقف راعي الاتفاق مع الطرف الملتزم لتصبح المعركة بين الوسيط راعي الاتفاق والطرف الملتزم ضد الطرف الذي لم يلتزم .
الطريقة الثالثة : انسحاب راعي الاتفاق واتخاذ موقف الحياد ، وترك الساحة للطرفين المختلفين وعدم التدخل بينهما وهذا اضعف الإيمان .
لكن الأمم المتحدة في الحديدة لم تعرف أي من هذه الطرق ، وأصبحت تظهر بظهور المتعصب مع الحوثي او المتحالف معه لا صاحبة الموقف الوسط او راعية الصلح ، فتعاملها اللامقبول بأيقاف الحرب والتهدئة لانقاذ الحوثي عندما يتراجع للخلف ، يوضح انها من تقف مع الحوثي عندما يريد ان يتقدم للأمام ، ولذا لم يعد اعتبارها راعية صلح وساعية اتفاق ، بل خصماً لا فرق بينها وبين الحوثي.
ثلاثة جوانب مشاهد او مسارات يمكن ان نعرف بها كيفية التعامل مع نقض الاتفاقات.
الأول : في مجتمعنا اليمني فإن العرف المجتمعي يتضمن تحديد العقوبة وسلب اي احقية للطرف الذي لم يلتزم بالاتفاق ، وفي المواجهات بين طرفين فإن نقض اتفاق الهدنة والصلح وتعدي طرف وهجومه ضد الطرف الآخر يعتبر غدر وعيب وعلى اثره يتم اباحة دماء الطرف الذي لم يلتزم بالاتفاق.
الجانب الثاني : في ديننا الاسلامي لم يعد اي وجود لاتفاق بين طرفين نقضه احدهما ، ولا يجوز القبول بأي وسيط لاقامة الاتفاق السابق او ابرام اتفاق مماثل.
فالنبي عليه الصلاة والسلام عندما ذهب لفتح مكة وتوقف وعاد إلى المدينة بسبب صلح الحديبية ، وعند نقض قريش لذاك الصلح عبر تقطعهم وقتلهم لعدد من المسلمين ، توجه النبي بعدها نحو مكه بجيشه ولم يعد ذاك الصلح قائماً ولم يقبل بعدها بأي وسيط لابرام أي صلح .
الجانب الثالث : المجتمعات الدولية والعالمية تفرض عقوبة على الطرف الذي لم يلتزم بالاتفاق وتحمله اي نتائج مترتبة على ذلك النقض .
لكن دولتنا الشرعية يبدو انها لم تعرف كيف يتعامل مجتمعنا اليمني وديننا الاسلامي والمجتمعات العالمية مع الاتفاقات .
عند ابرام اتفاق استوكلهوم كان على الشرعية ان تطالب بأضافة بنداً وتجعله البند الاخير ، وهذا البند مفاده في حالة قيام الحوثي بشن اي هجوم عسكري في الحديدة فإن اتفاق السويد يعتبر ملغياً ولا يحق للامم المتحدة بعدها ان تدعوا لأي هدنة او صلح يقف ضد تقدم معركة تحرير الحديدة.
ايضاً التعامل المطلوب من الشرعية في حالة قيام الحوثي بشن اي هجوم عسكري كهجومه الاخير في الحديدة ، فإنه يجب اعلان وفاة اي اتفاقات وعدم للالتفات لأي دعوة تهدئة حتى يتم تحرير الحديدة بالكامل ، ففي هذه الحالة لا يستطيع المجتمع الدولي ان يتدخل بموقف قوي ضد تقدم معركة التحرير ، ولن يتحمل مسؤولية فشل الاتفاق سوى الحوثي .