عبدالواسع الفاتكي يكتب:
الأحزاب اليمنية وظاهرة المماتنة !
تعد ظاهرة التنوع والثراء السياسي ، في أوقات الاستقرار والسلم الاجتماعي ظاهرة صحية ، غير أن الملفت للنظر في الآونة الأخيرة ، أن الساحة اليمنية تشهد نشوء وتكوين إئتلافات وتكتلات تقدم نفسها بأنها سياسية ، في ظل استمرار نزيف الدم اليمني باستمرار حرب المليشيات الانقلابية على الجمهورية والدولة اليمنية ، الأمر الذي دفع المراقبون للشأن اليمني للتساؤل ، عن الهدف والجدوى من تضخم الجسد السياسي اليمني ، بتطعيمه بلاعبين جدد ، في ظروف غاية في التعقيد والسوء ، غاب فيها العمل السياسي وارتفع فيها صوت الرصاص والقذائف ودوي المدافع ، على لغة الحوار البناء والتفاوض الهادف.
عزا بعض المتابعين لما يجري في المشهداليمني ، من تناسل لتكتلات وقوى سياسية جديدة ، بالتزامن مع انسداد أفق حسم الحرب ، بشيخوخة القوى والأحزاب السياسية اليمنية المعتقة المؤيدة للشرعية اليمنية ، والتي بات من المؤكد هزالة وركاكة أدائها، ودورها في الظروف الحرجة الراهنة ، أفقدها ثقة المواطن اليمني بها ، عبر حرف مسار الصراع من الصراع مع المليشيات الإنقلابية ؛ لاستعادة الدولة ، إلى الصراع على غنيمة الدولة ، عبر محاصصة حزبية ؛ لتقاسم المناصب والإدارة العامة تجاوزت المراكز العليا في الهرم الوظيفي الإداري للجهاز الحكومي ، إلى المراكز المتوسطة والأدنى، في إصرار عجيب على فرض حضور الأحزاب عبر السلطة والنفوذ، لا عبر رضا الشارع اليمني عنها، ومشاركتها همومه وآلامه ، ما جعل تلك القوى والأحزاب ، تعمل على إعادة تدوير نفسها ، من خلال الدفع إلى الواجهة بقوى وتكتلات بمسميات جديدة ، تستعيد من خلالها نشاطها واستيلائها على الفضاء السياسي العام ، بالزج بتهجين تلكم القوى والتيارات والتكتلات ، بشخصيات ليس لها حضور حزبي فاعل ؛ حتى يتم تصنيفها على حزب ما ، بينما هي في الحقيقة عين الحزب وأداته في هذا المنتج السياسي أو المدني القادم ، أي أنا أمام مشهد غاية في الغرابة ، تقاسم الأحزاب ومراكز النفوذ الوظيفة العامة ، وتقاسمها أيضا التكتلات والقوى والإئتلافات الحديثة التكوين ، بحيث يكن لكل حزب نصيبه من الوجود في هرمها وهياكلها ، ما يجعل الوضع السياسي العام مغلقا ومكررا تغيرت فيه الوجوه والمسميات ، ولم يتغير فيه التوجه.
فشلت القوى السياسية الراهنة في ممارسة عمل سياسي وطني، يوحد طاقات اليمنيين في معركتهم المصيرية مع الانقلابيين ، مصوبا اختلالات الشرعية اليمنية وعلاقتها بالتحالف العربي ، ما جعلها في مأزق كبير، بين فقدان لحاضنتها الشعبية ، وبين تماهيها مع أداء السلطة الشرعية ، والتي هي جزء لا يتجزأ منها ، ومن ثم كان لزام عليها أن تبحث لها عن متنفسات جديدة ، بلافتات وأسماء جديدة ، بيد أن هناك من يرى غزارة تفريخ قوى وتكتلات مدنية جديدة ، في هذه الآونة بالذات ، بمثابة توجه إقليمي ، يهدف لتهيئة قوى سياسية جديدة ، تكن بديلا لتلكم القوى ، التي استهلكت في نظرهم ، تمهيدا لدخول لاعبين جدد على المسرح اليمني ، قبل أي حلول أو اتفاقيات قادمة.