محمد محمود بشار يكتب لـ(اليوم الثامن):

رسائل أردوغان و ملاذاته الآمنة

ارتفعت راية داعش من جديد في مدينة سورية الا و هي مدينة رأس العين في شمال شرق البلاد، التي تم اجتياحها من قبل الجيش التركي و مسلحي المعارضة السورية و معهم عدد من الجهاديين من بلدان مختلفة في اكتوبر من العام المنصرم، حيث اضطر اغلب اهالي المدينة الى النزوح عن مدينتهم. 

 هذه المدينة الآن اصبحت مرتعاً للتطرف و الارهاب الذي يغذيه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. 

في التجمع الذي تم تنظيمه من قبل المسلحين في هذه المدينة تم رفع رايات داعش مع رايات المعارضة السورية و علم الدولة التركية و بنفس الوقت تم حرق العلم الفرنسي تضامنا مع دعوة حزب العدالة و التنمية التركي و تصريحات الرئيس التركي لمقاطعة فرنسا و استنكار مواقف الرئيس ايمانويل ماكرون. 

هذه المدينة الصغيرة باتت الآن إحدى ملاذات أردوغان، التي يرسل من خلال هكذا تجمعات رسائل الى كل دول العالم بأنه يستطيع إحياء داعش و اعادة الروح إلى هذا التنظيم الارهابي للظهور كقوة عسكرية و مصدر خطير لتهديد السلم و الأمن الدولي و الاقليمي. 

في ادلب ايضا و كل المدن السورية الأخرى الواقعة تحت السيطرة و الاحتلال التركي، يخرج اصحاب اللحى الطويلة وهم يرتدون سراويلهم القصيرة يتوعدون الغرب بشكل عام و فرنسا بشكل خاص بالتفجيرات و الهجمات الانتحارية. 

اردوغان الذي اخفق في مهمته كرئيس دولة، يتجه الآن الى ملاذاته الأخيرة مستفيدا من الحرب السورية، ليظهر تارة بمظهر حامل لواء الخلافة المزعومة، و تارة أخرى حاملا راية التيار القومجي التركي، مهددا كل من حوله من دول و كيانات ذات سيادة، من خلال نشر الجهاديين في عدة دول نخرتها الحروب و الصراعات الداخلية. و كذلك من خلال استقباله لعدد كبير جدا من اللاجئين السوريين حيث يهدد القارة الاوروبية دائما بأنه سيرسل اليهم 3 ملايين لاجئ عبر البحار و الادغال. 

حملة مقاطعة البضائع التركية من قبل شعوب دول الخليج العربي ارهقت الاقتصاد التركي المرهق بالاساس و ضربت اخماس اردوغان باسداسه. ففقد بوصلته كرئيس و اصبح يسترشد باوهامه المريضة، التي يرى من خلالها بانه قائد العالم الاسلامي و سلطان الغد للخلافة القادمة. 

يقف الرئيس الفرنسي مخاطبا كل العالم بانهم لن يتخلو عن مبادئ الجمهورية و خلفه العلم الفرنسي و علم الاتحاد الاوروبي. 

 بينما يخاطبه اردوغان من قصر دولمة باهجة في اسطنبول، و خلفه العلم التركي و بعض الرموز التي تشير الى الحقبة العثمانية. 

 و من يعلم ربما يحتفظ اردوغان في غرفه المغلقة بعلم صغير لتنظيم الدولة الاسلامية بجانب العلم التركي، فان كان ماكرون رئيسا لفرنسا و واحد من اهم قادة الاتحاد الاوروبي، فإن اردوغان هو رئيس الدولة التركية و الاب الروحي للمسلحين اللذين رفعو راية داعش في مدينة راس العين، التي كانت قبل الاجتياح التركي ذات اغلبية كردية و باتت الآن شبه خالية من سكانها الاصليين و قد اطلق النازحين منها اسم مدينتهم (سري كانية) باللغة الكردية على مخيمهم الجديد في مدينة الحسكة التي تديرها الادارة الذاتية و تقوم بحمايتها قوات سوريا الديمقراطية.