محمد محمود بشار يكتب لـ(اليوم الثامن):

الجزيرة في معسكر بايدن و تصويب النيران إلى أنقرة

العاصمة التي ستكون أكثر عرضة لنيران السياسة و الدبلوماسية الأمريكية في السنوات الاربعة القادمة هي أنقرة. 

التخوف التركي واضح جدا، و تأثير انتصار بايدن بالرئاسة الأمريكية بدأ مفعوله منذ الدقائق الأولى من اعلان المؤسسات الاعلامية الأمريكية لتفوق المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية. حيث فقدت الليرة التركية من قيمتها، و بدأ التخبط يظهر جليا في مؤسسات الادارة التركية، من خلال استقالة البعض و اقالة البعض الأخر من المسؤولين الأتراك. 

أحد أهم المؤسسات الاعلامية الداعمة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العالم بشكل عام و العالم العربي على وجه الخصوص هي (الجزيرة القطرية) بحكم سياسة و استراتيجية مموليها، و كذلك لوجود عدد كبير من الاعلاميين و مقدمي البرامج الاسبوعية الموالين لتنظيم (الأخوان المسلمين). 

لكنها في الأيام الأخيرة بدأت تغير من سياستها تجاه تركيا، حيث تقوم بنشر أخبار و تقارير تحت بند المهنية الاعلامية تتحدث من خلالها عن اربع سنوات صعبة ستواجه تركيا حيث يقود الرئيس الامريكي الجديد حملة لاسقاط اردوغان و ابعاد حزب العدالة و التنمية عن الحكم في تركيا. 

 إن هذه التقارير و الأخبار تبث الرعب و الخوف في نفوس المواطنين الأتراك و خاصة أعضاء و مؤيدي حزب العدالة و التنمية الذي يقوده أردوغان، و خاصة بأن الرأي العام التركي طيلة هذه السنوات كان يجد في الجزيرة القطرية الداعم و المروج الأساسي لقوة تركيا و سطوتها في عهد أردوغان. 

يدرك معشر الاعلاميين أهمية الصورة التي يتم نشرها مع أي خبر أو تقرير صحفي، حيث نشرت الجزيرة في تقريرها المعنون بـ (عرف بمواقفه العدائية لأنقرة.. كيف ينعكس فوز بايدن على العلاقات الأميركية التركية؟) في الثامن من نوفبمر/تشرين الثاني الجاري صورة من الأرشيف تجمع كل من بايدن و أردوغان، يظهر فيها بايدن رافعا سبابته في وجه أردوغان و محاولا ان لا يعير اهتماما زائدا لمضيفه، الا ان اردوغان يحاول التقرب كثير مائلا بجسمه الى احضان بايدن، و ماسكا بكلتا يديه قبضة بايدن اليسارية مطأطئ الرأس.  

الاعتماد على استخدام لغة الجسد هي من أهم اللغات في تطبيق استراتيجية و سياسة أي مؤسسة اعلامية، و نشر هذه الصورة في هذا التوقيت بالذات هو رسالة واضحة لبداية عصر جديد، حيث ستكون قطر حليفة بايدن و مستعدة لتنفيذ كل سياساته في المنطقة و أولها معاقبة تركيا على أفعالها و خروقاتها للقوانين و المواثيق الدولية. 

 أوضح الكرملين سبب تاخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تقديم التهئنة لجو بايدن، حيث أوضح الناطق باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، بأنه هناك طعن قضائي مقدم من قبل دونالد ترامب و ليس هناك لحد الآن اعلان رسمي لنتائج الانتخابات. 

لكن القصر الرئاسي في تركيا، يلتزم الصمت إزاء عدم تهنئة أردوغان لبايدن. 

إن عدم ارسال رسالة تهنئة من قبل حكام أنقرة للحاكم الجديد لواشنطن، هو بحد ذاته رسالة مفادها بأن هناك تخوف كبير في اروقة قصر (دولمة باهجة) من السياسات التي سيتبناها البيت الأبيض إزاء اردوغان. 

المؤشرات و المعطيات الموجودة تشير إلى اربعة أعوام مليئة بالنيران التي ستتساقط على تركيا مادام اردوغان هو رئيسها و حاكمها المطلق. 

و عندما يشعر الشعب التركي بأن بلدهم مهدد من قبل أقوى دولة في العالم سيجد امامه خيارين و هما: إما تركيا أو اردوغان. 

 حينها ستتضح الحقيقة التي حاول اردوغان اخفاءها طيلة هذه السنوات، حيث لن يتواني الشعب التركي عن اختيار تركيا ليسقط اردوغان و من معه. 

اردوغان الآن خائف جدا.