محمد خلفان يكتب:
مستقبل غير مشرق للإعلام الإخواني
من واقع مشاركتي في ندوة “الإخوان المسلمون والإعلام: بين الأيديولوجيا والسياسة” التي عقدها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، الذي يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقرا له، توصلت إلى قناعة أن الجهود التي تبذلها الدول العربية الأربع من أجل مكافحة التطرف والإرهاب وهي، دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر ومملكة البحرين، بدأت تؤتي ثمارها وتنجح في إقناع الرأي العام الغربي عموما، والأوروبي بشكل خاص حول الخطر الذي تمثله تيارات الإسلام السياسي وخاصة تنظيم “الإخوان المسلمون” الإرهابي على استقرار المجتمعات التي توفر لهم بيئة حاضنة لأفكارهم وتمويلاتهم مستغلين في ذلك عدم إدراك الإنسان الغربي لحقيقة أجنداتهم التخريبية في مقابل استخدام سلاح “المظلومية” للحصول على تعاطف الرأي العام فيها.
تكررت مفردات معبرة عن مستقبل غير واعد لإعلام “الإخوان” بصيغ مختلفة، فمرة هو مستقبل مشوّش ومرتبك ومرة أخرى غير واضح المعالم. وتكاد تتكرر تلك التقييمات في كل مداخلات ضيوف الندوة (الثمانية) التي حملت عنوان "مستقبل إعلام تنظيم الإخوان المسلمين"، وربما الشيء الجيد في هذا التقييم أنه رغم اختلاف مجتمعاتهم إلا أن التقييم إن يكن واحدا فهو لا يبتعد أن يصب في نفس التيار وهو إعلام غير مبشّر، ولن يطول الزمن لأن يعلن عن حالة “وفاته”، فهو الآن يحتضر تدريجيا، مرجعين ذلك إلى أسباب مختلفة.
ما حملته الندوة من إشارات موضوعية وفي مختلف مناطق من العالم، إنما تنقل لنا عن مستقبل التواجد الإخواني في الإعلام وبالتالي في المشهد السياسي العالمي
عمليا لو تتبعنا نشاطهم الإعلامي حاليا سنجد أنهم “متقوقعون” في كل من قطر وتركيا بشكل أساسي، لكنهم في دولهم الأصلية وخاصة مصر (التي تعتبر الترمومتر الحقيقي لأيّ تجربة إخوانية)، لم يعد لهم وجود لأنهم يواجهون ضغوطا من المواطنين والمجتمع، وليس من الحكومة التي استطاعت أن تنقذ الوطن قبل أن يتحول إلى “جماعة” عن طريق استخدام منهج “أخونة الدولة”، أي تمكين كوادر إخوانية في كل المؤسسات الحكومية والمجتمع بما فيها الإعلام.
الرائع في هذا التراجع الإخواني من المشهد الإعلامي والمجتمعي العربي أننا بدأنا نراه في عدد من الدول الغربية وإن كان أحد المحاضرين، وهو من إحدى الدول الأوروبية التي شهدت عمليات إرهابية مؤخرا، ذكر أن حكومة بلاده تمنعه من انتقاد الإخوان، ولكن في فرنسا خلال هذه اللحظات يبدو الأمر مختلفا وكذلك النمسا ويبشر كذلك بالخير في معقلهم التاريخي في بريطانيا، حيث بدأوا يواجهون ضغوطا على ممارسة أنشطتهم التي ليست بريئة في كل الأوقات.
كل الدلائل تشير إلى أن هناك انكسارا وهزيمة كبيرة لتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، حتى مع عودة الديمقراطيين إلى السلطة في الولايات المتحدة، المتمثلة في انتخاب جو بايدن رئيسا، حيث أن هناك من مازال يعتقد أن بايدن سيعمل على دعمهم مرة أخرى، في إحياء الفوضى غير الخلاقة في المجتمعات العربية، وكأن بايدن أو الديمقراطيين لا تحكمهم مصالح بلدانهم الاستراتيجية، ونستطيع أن نرصد بعض أبرز المؤشرات لحالة التراجع الإخواني وإعلامهم أيضا من خلال الآتي:
فمن حيث الأدوات أو الوسائل الإعلامية، لم يتبق للإخوان سوى وسيلتين إعلاميتين حاليا يمكن أن يشار إليهما والحديث عنهما نسبيا بأنهما الأكثر تأثيرا، أما ما عدا ذلك فلا توجد وسائل ذات تأثير مجتمعي، بما فيها الإعلام الإلكتروني، الذي يعتبر هو الفاعل الحقيقي حاليا على الشريحة الشبابية.
تكررت مفردات معبرة عن مستقبل غير واعد لإعلام “الإخوان” بصيغ مختلفة، فمرة هو مستقبل مشوّش ومرتبك ومرة أخرى غير واضح المعالم
ولو انتقلنا إلى المحتوى الذي يعتبر الأخطر مقارنة بالوسيلة، خاصة مع تنظيم صفته الأساسية قائمة على “السرية” أو ما يعرف بثقافة “التقية”، فكل ما يطرحه إعلامهم حاليا لا يخرج عن التشكيك والتخوين والمظلومية، وكلها توجهات مستفزة ومقززة للرأي العام العربي، لسبب بسيط أن الإنسان العربي عرفهم على حقيقتهم بعدما فضحهم الإعلام عندما ظهروا إلى الناس، ويمكن إضافة مسألة التمويل حيث الأزمات المالية تجتاح دول العالم بما فيها قطر وتركيا المأزومة اقتصاديا.
بالمجمل نستطيع القول إنه بدلا من أن يكسب هذا الإعلام المزيد من شعبية الناس والجمهور، فإن أسلوبه المفضوح يزيد في خسارته، أما عن المتفاعلين معه فهم لن يخرجوا عن أن يكونوا من ضمن كوادره، أو من الموالين والمتعاطفين معه.
ونستطيع القول أيضا إن ما حملته الندوة من إشارات موضوعية وفي مختلف مناطق من العالم، إنما تنقل لنا عن مستقبل التواجد الإخواني في الإعلام وبالتالي في المشهد السياسي العالمي.