محمد خلفان يكتب:
نوري المالكي وفكر الإخوان المسلمين
هناك تطابق بين أسلوب نوري المالكي، الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامي، ومعه الميليشيات العراقية الموالية لإيران فيما يقومان به من منهج تخريبي لأمن واستقرار العراق، ورفض أي محاولة عربية لإنقاذه من التغلغل الإيراني في مفاصله، وبين ما كان يفعله تنظيم “الإخوان المسلمين” الإرهابي في مصر، في فترة ما قبل الثالث من يوليو 2013 في أكثر من جانب.
فالاثنان يشتركان في تطبيق سياسة “الأرض المحروقة” عندما يتم إبعادهما عن السلطة نتيجة لفشلهما في إدارة الدولة، سواءً كان ذلك الفشل لإدارتهما للدولة بأنها الوطن الجميع وليس الطائفة أو الحزب. فالمالكي تسبّب بسياساته الطائفية في ظهور تنظيم “داعش” وبعدها فشل في مواجهته وتم إبعاده عن السلطة. كما أنهما يشتركان في الولاءات “العابرة لحدود الوطن” لأسباب طائفية، فالاثنان “الإخوان المسلمين” والميليشيات الطائفية، ومعهما المالكي، ولاؤهم لخارج أوطانهم، فإذا كان الإخوان يخدمون الأجندات التركية ومشروعها السياسي فما يفعله المالكي هو خدمة للنظام الإيراني لتصدير ثورته إلى دول الإقليم.
مع أن المالكي هو رجل إيران الأول في العراق، وهو لا يخجل من أن يقوم بأعمال تضرّ العراق (الذي يفترض أنه وطنه) في مقابل إرضاء المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، فهوّيته السياسية الطائفية تغلب وطنيته. كما أنه فكريا يرجع تأسيسه إلى حزب الدعوة الإسلامي، وهي النسخة الشيعية للإخوان المسلمين، وبالتالي لا نستغرب منه القيام بإيذاء مواطني بلده، فقد سبقه مرشد الإخوان في النسخة السنّية مهدي عاكف بالقول “طز في مصر”، وكانت أفعاله تعبّر عن أكثر من ذلك.
المفارقة هنا أن يربط المالكي والميليشيات العراقية مصير بلادهما بمصير النظام الإيراني، ويرفضان وقوف دولة شقيقة إلى جانب العراق (المملكة العربية السعودية) خوفا من الإضرار بمصالح إيران التي تعمل على استغلال العراق أكثر من فائدته، ويتماديان في تقديم خدماتهما “إرضاء لسيّدهما” بأن يصفا الاستثمارات السعودية بأنها “استعمار”، في حين التدمير الإيراني للعراق هو نوع من التعاون المشترك!
أغلبنا يتذكر أن تكليف مصطفى الكاظمي، الرجل المحب لوطنه وشعبه، بمهام رئاسة الوزراء ارتبط بفرض سيادة الدولة على كل المفاصل، من خلال السيطرة على السلاح المنفلت، وعلى التوازن في العلاقات الخارجية للعراق، دون تمييز دولة عن دولة أخرى، كما تقتضي العلاقات الدولية. إلا أنه ورغم كل الجهود المخلصة المبذولة لتأمين حياة كريمة للشعب العراقي، وُوجه بمواقف من السياسيين عرقلت كل تلك الجهود، في سبيل المصلحة الشخصية على حساب الوطن.
قد يستغرب البعض من مواقف نوري المالكي وتصرفاته العدوانية ضد كل تحركات الدول الخليجية في اتجاه العراق، ومن طريقة تعبئة الميليشيات الموالية لإيران، لكن أعتقد أن هذا الاستغراب سرعان ما يزول لو عرفنا أن علاقة حزب الدعوة الإسلامي مع تنظيم الإخوان المسلمين تعود إلى الخمسينات من القرن الماضي، بل إن حالة الانتشاء التي عاشها التنظيم الإخواني أيام الثورة الإيرانية وتفاعله معها يؤكدان أن كل التيارات الإسلامية المتطرفة، بغض النظر عن الطائفة، كونها خرجت من رحم الإخوان، إلا أنها تجيد التشكل حسب تركيبة المجتمع. لذا فالمنهج التخريبي لاستقرار الدول والتآمر ضد الوطن من أساسيات الإخوان بغض النظر عن الطائفة.
ومن هنا فإن قناعة الكاظمي بأن أفضل طريقة لمقاومة كل من يستهدف المجتمع العراقي هو التحاور، لا يتعدى أن يكون نوعا من الرفاهية الفكرية التي تحتاج إلى وقت وفهم كبيرين، وهو ما لا يملكه المواطن العراقي حاليا، فكل ما يقوم به هؤلاء مربوط بمصلحة حزب الدعوة أو المرشد الأعلى للثورة في إيران، وليس من أجل العراق وشعبه.
الأمل الذي بقي لدى العراقيين لإنقاذ بلادهم من “أذرع إيران” هو الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو القادم، إذا ما تمّت بنزاهة، لأن كل الشعب العراقي غاضب على كل من يعمل ضد وطنه العراق.