محمد عبدالله القادري يكتب لـ(اليوم الثامن):

لماذا ينكر أبناء الجنوب أصول الشهيد الحبيشي

محمد علي الحبيشي الشهيد الذي سقط مواجهاً للاحتلال البريطاني في الجنوب تربي في أسرة تعود أصولها لمنطقة حبيش محافظة إب وهاجرت إلى عدن فارة من بطش الامامة يعد ان قامت بأول ثورة ضد الامام يحيى في الشمال في أول عام لتولي الامامة الحكم ، وعندي كل الاثباتات والأدلة على ذلك.

قبل أن احدثكم عن السبب الذي دفعني للحديث في هذا الموضوع ، أسرد بعض الادلة على أصول الشهيد الحبيشي.
في عام 1919 رفضت بعض قبائل حبيش كآل العقاب وآل الأحمدي وآل الجعفري وآل إبراهيم وآل القادري وآل السحلة وآل الجراش وآل العديني  الانصياغ للأمامة ، فأرسل الامام جيشاً من صنعاء إلى حبيش إب ، نزلت قبائل أعلى حبيش آل العقاب والأحمدي وغيرهم إلى أسفل حبيش المنطقة التي يسكنها آل القادري وكانوا مشائخ ثلاث عزل في حبيش وتزيد أملاكهم عن مائة وخمسون ألف قصبة ، وفي تلك المنطقة تمت المواجهات وحدثت أول ثورة ضد الامامة تم تجاهلها تأريخياً وأصبحت حدث شبه منسي ، وانتهت المواجهات بانتصار جيش الامامة الذي توجه بعد المعركة لتفجير المنازل ومصادرة الاملاك.

منطقتنا التي كانت المواجهات في أطرافها ، شهدت أكبر تشريد ونهب للأملاك من قبل الامامة وانصارها .
والد جدي الذي كان شيخ للقبيلة وشيخ لثلاث عزل ويمتلك أموال طائلة ، فر بعد المعركة إلى عدن برفقة ابن عمه  جد الشهيد الحبيشي وعدد  من أبناء قبيلتنا ، وفي عدن غيروا القابهم خوفاً من خطر الامامة عليهم الذي سيصلهم عبر الاحتلال كون الطرفين كانا على تعاون ، واطلق عليهم لقب الحبيشي استناداً للمنطقة التي جاءوا منها ، بينما قيل انهم حلو في عدن عند  أناس لديهم قرابة بهم وكانوا اصحاب هجرة سابقة من حبيش إلى عدن.
والد جدي فر إلى عدن في العام الذي تزوج فيه وكان شاباً يافعاً ، وفي عام 1925 ولد جدي في عدن وكان الابن الوحيد لوالده ، وفي عام 1930 توفى والد جدي بعدن وكان صغير في السن ، فعاد جدي برفقة أمه إلى منطقة أهلها في إب وهي منطقة خارج حبيش ، وهناك تزوجت على احد من اقاربها ينتمي لقبيلة آل القادري أيضاً ولكنهم يحلون في مديرية أخرى ، وعامل ذاك الزوج جدي بقساوة ليعود جدي حبيش في عام 1940 وعمره خمسة عشر سنة.
لم يكن جدي يعرف غير اسمه الثلاثي وان ابوه كان شيخ المنطقة ويمتلك اموال كثيرة وفر منها بسبب تلك الاحداث ، لكنه عاد وتلك الأموال قد اصبحت في ملكية قبائل اخرى موالين للامامة وتلك القبائل دعمتهم الامامة ثم الجمهورية ثم الحوثي حالياً وظلوا هم المسيطرين وهم المستحوذين حتى يومنا هذا ،  بينما البقية القليلة من ابناء عمومته الذين لم يعد لديهم سوى اموال بسيطة لا تتجاوز ثلاث مائة قصبة  رفضوا الاعتراف به خوفاً ان يكون اعترافهم سيعطيه جزءً من اموالهم ، فأتجه جدي لرعاية الاغنام عند الناس بالأجر البسيط حتى تزوج وسكن في بيوت لا يمتلكها بعد ان كان أباه شيخاً كبيراً ويملك أرض كبيرة ، ولم نحصل على ملكية منزل إلا بعد ان كبر والدي وذهب للأغتراب بالمملكة قبل الوحدة واشترى لنا قطعة أرض وبنا لنا فيها منزل.

لم تكن أسرة الشهيد الحبيشي فقط التي حلت في عدن ولكن هناك أسر كثيرة من أبناء عمومتنا فروا بعد تلك الثورة وغيروا القابهم .
في عام 1998 عاد لمنطقتنا احد كبار السن الذين ولدوا في عدن وهاجر إليها أباءهم وكان على علم بهجرة والد جدي لعدن وسكنه فيها .
وقال لجدي  ان أحد من نسل  أبناء عمومته الذين هاجروا مع والده هو الشهيد محمد الحبيشي .

هذه بعض معلومات أتذكرها مما كان يحدثني به جدي ومن كان يتحدث أمامي  مع جدي رحمه الله ، بالاضافة لوجود بعض الاصول لدينا التي توضح نسب جد الشهيد الحبيشي بسبعة أسماء بعد  اسمه الرابع .
السبب الذي دفعني بالحديث عن هذا الموضوع لم يكن من افتخار بقبيلة فأنا شخصياً أكره الافتخار بالعرقية لأن الله لا يحب كل مختالٍ فخور ، وليس الفتى من قال كان أبي ان الفتى من قال أنا ، والذي نفسي بيده أني أحب واحترم عامل النظافة والشخص المهمش أكثر من شيخ أي قبيلة أو تاجر أو مسؤول.
وانما ما دفعني هو توضيح ان الشهيد الحبيشي من نسل أسرة ثائرة واجهت الامامة في الشمال ثم لجأت للجنوب وجاء من نسلها من يواجه الاحتلال ويوهب دمه ليحرر الجنوب ، وهذا ما يؤكد على واحدية الشعب اليمني  وواحدية الثورة اليمنية.
راجح لبوزة احد أبناء الجنوب شارك بتفجير الثورة في الشمال ضد الامامة ثم عاد ليفجر ثورة بالجنوب ويجب على ابناء الشمال أن يعترفوا بهذا.
الشهيد الحبيشي كان جده من أبناء الشمال ومن المشاركين بأول ثورة ضد الامامة ثم فر إلى عدن وكان من احفاده أول شهيد سقط في الثورة ضد الاحتلال وهذا ما يجب أن يفهمه أبناء الجنوب ويعترفوا به.