حميد طولست يكتب:

التَّرحم مجاملة اجتماعية وليس عقيدة أو عبادة !

رغم كثرة النصوص القرآنية والأحاديث النبوية المؤكدة على أن الإسلام ماجاء إلا لنشر المحبة والتعاون والسلام والتماسك والتكاتف المحقق للحياة الحرة الكريمة لجميع بني البشر ، فاجأني ، قبل أيام ، تصدى بعض المدونين المفوهين لترحم بعض المسلمين على مرادونا غير المسلم ، بالشتم والسب ، واحتدام النقاشات الحادة بين مؤيدي ذلك السلوك الإنساني السامي الذي هو أكثر ما يحتاج إليه البشر ، والذي لو رفع من القلوب لتحولت حياة الناس إلى شقاء ، ولتحولت أيام الكثيرين إلى ضنك وسواد وبلاء ، وبين معارضيه الذين يجهدون أنفسهم ، ويتعبون معها "النت" في ليّ أعناق النصوص القرأني والأحاديث النبوية، لإبتداع المصطلحات لتبرير طرحهم الخبيث الذي يحريم التّرحُم على غير المسلم -الذي يبقى الأصل فيه هو الإباحة لانعدام ورود نص يحرمه أو يقيده - وهم يعلمون علم اليقين أن ذلك لا يغير من معتقدات المترحِّم في شيء ، لأن الترحم ليس من العقائد ولا من العبادات ، وإنما هو من المعاملات الاجتماعية والمجاملات الأخلاقية والإنسانية الراقية التي تكرس المحبة والتعاون والتراحم والتكافل والتآزر الضروري لاستمرار العشرة بين البشر لاعمار الأرض التي أستخلفهم الله فيها ، وإأتمنهم على سلامة مستوطنيها مما يبث بينها الفرقة والطائفية المؤدية للعداوة والبغضاء والتناحر والتطاحن. 

فكم كانت دهشتي عظيمة واستغرابي أعظم أمام إصرار الكثير من مستعملي"الفيسبوك" - الذين لاشك أن غالبيتهم في جهل تام لروح الذين الإسلامي الحنيف الذي هم فيه يفتون- على الترويج لمثل ذاك الخطاب النشاز ،الذي يدمر ولا يعمر ، ويهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، ويفرق ولا يوفق، ويزيف حقائق الدين الإسلامي الحنيف ، ويبث فيها الشبهات،  ويقلب وقائعها بحسب أهواء وأمزجة وأهداف الإسلامويين المهووسين بــ "نحن وهم" - التي هي في واقع حالها قمة العدائيات العنصرية والثقافية والسياسية والدينية- وأخطر معول لهدم الإسلام الأصيل والتدين الصحيح الذي لا يكتمل إلاَّ بإندماج الرَّباني في الإنساني والعكس. والذي نلمسه اليوم أكثر من أي وقت مضى ،  في تجَرّء بعض الجهل على التطاول على كتاب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والتقول عليهما ، بالإفتاء في مسائل الدين بغير علم ، بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 

أفلا استحضرتم يا دعاة الكراهية وتوظيف المذاهب والأديان لنشر الطائفية والعداوة والبغضاء بين بسطاء المؤمنين لأغراض سياسوية طائفية ، قوله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " والتي لا شك أن الترحم داخل في حسن المعاملة والبر الذي هو من أعظم وسائل الدعوة إلى الله لم ينهانا سبحانه عنها، واستذكروا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الترمذي عن   أبي ذر رضي الله عنه  والذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك صدقة " ، الذي يعزز سلوك الترحم على موتى إخوة لنا في الإنسانية..