حميد طولست يكتب:

قراءة في التحية بــ "السلام على من اتبع الهدى" !!

عرفت المجتمعات العربية والإسلامية عامة، والمجتمع المغربي من بينها ، تحولات اجتماعية خطيرة في العديد من مسلكياتها التي طغت على أصولها القيمية الكثير من المقابح التي أفقدتها أصالتها وبريقها ، وإلى درجة تنذر بأفدح العواقب وأقبح الأخطار، جعلتها هوامش ومنسيات تراثية متفسخة ، يتمسك ، بل ويتزمت بسطاء الفكر والثقافة ويتعصبون لكل ما أخذ منها طريقه إلى هويتهم ووجدانهم ، من شائع الخرافات التي شحنت بها تيارات الإسلام السياسية المجتمعات المتدينة المحروم غالبيتها من نعمة الوعي والعلم وثقافة البحث في الحقائق ومصادرها ، والتي بينها ما داع على "النت" المغالطة الخاصة بالتحية ،التي تنشرها الجماعات الإسلاموية ، بأسلمتها كل شيء ، من أجل إسقاط المفاهيم القديمة على الواقع الجديد ، والمصطلحات الحديثة على الوقائع العتيقة،  التحية أو السلام بالعبارة التي استعملها الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابع لهِرقل عَظيم الرُّوم غير المسلم : "السلام على من اتبع الهدى"  المتضمنة لمعاني الإقصاء والإستثناء للمُسَلَّم عليه المخالف والتي حولتها الجماعات الإسلاموية ، والمتشبهين والمتماهين بهوسهم في قهر وإزاحة وتغييب واقصاء كل المختلفين عقائديا ومذهبيا وعرقيا ، إلى اداة إحتقارية لغير المسلمين وحتى المسلمين المخالفين ، المغاير لصيغة التحية المُبَارَكَة الطَيِّبَة المتعارف عليها بين المسلمين :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"  التي تطمئن لها القلوب، وتتطهر بها النفوس ، ويرجى بها السلامة والخير لكافة خلق الله ، بما فيهم أصحاب العقائد المختلفة

-الذين لا يعلم غير الله مقدار اتباعهم لهديه الربانية من عدمه- الذين هم جميعهم أهل لذلك النوع من "التحية" التي فرضها سبحانه وتعالى بقوله: "فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" ، الصيغة التي حولتها الجماعات الإسلاموية ، والمتشبهين بهم والمتماهين بهوسهم في قهر وإزاحة وتغييب واقصاء كل المختلفين عقائديا ومذهبيا وعرقيا ، إلى اداة إحتقارية لغير المسلم؛ 

الحال والواقع الذي أعتقد جازما أنه لم يعد كافيا لتغييره نحت الأسئلة الجديدة ، بقدر ما بات ضروريا هدم كل الأجوبة القديمة التي يشكل فيها السلوك الإقصائي والطائفي واللاإنساني البديل الوحيد الذي تبني عليه تيارات الإسلام السياسي علاقاتها غير البريئة ، والمشحونة بالحقد والعدوانية ، التي لا تصدر من فراغ أو دون سبب ، ضد المخالفين ، حتى من المسلمين أنفسهم؛ الحل الذي لن يتأتى ، في رأيي المتواضع، إلا بتفسير الإسلام كما جاء في كتاب الله الحكيم ، وليس كما هو سائد في موروثات المذاهب السلفية المتشددة ومدارس النقل والتقليد المنتمية للزمن الغابر ، وتطهيره مما علق به من الملوثات الفكرية الارهابية ، التي لوثت عقول بسطاء المواطنين ، وغدت وجدانهم بخطاباتها الخرافية الوهمية ، التي جاءت مع انتشار الإسلام السياسي ، الذي حول رجالاته كل نقد لأيديولوجياته المتخلفة إلى نقدٍ للإسلام ، الذي يستغلونه أبشع استغلال لتحقيق رغباتهم المكبوتة في الهيمنة على السلطتين المدنية والدينية ، التي بين التاريخ الإسلامي أن كل الصراعات التي عرفتها تياراته وأنظمته الإسلاموية ، والوحروب التي دارت بينها ومع غيرها ، لم تكن في مجملها إلا من أجلها  تلك الهيمنة ، وليس لنشر الدين ، كما يروجون. 

ولتخليص المسلمين أنفسهم من تلك المغالطات الخطيرة المشوهة للدين الصحيح ، والمقوضة للعلاقات الإنسانية ، هو تعاون جميع القوى المناهضة للتطرف والإقصاء، تعاوُنا وثيقا، على تنوير العقول حتى تتمكن من التمييز بين التعاليم التي ظاهرها الدين وباطنها المكر والاحتيال السياسي باسم الدين ،وتدارك الوقوع في فخّ تصديق نفاق القوى الطامعة في اسعباد البلاد والعباد وتجريدهم من الإرادة والخيار وتعلمهم العجز والإستسلام والانسياق للوصفات والأفكار المتناغمة والمنسجمة مع أفكار الغالبية البسيطة ثقافياً ، التي يتلاعب بها المشعوذون بعقول غالبية المجتمع.