محمد عبدالله القادري يكتب لـ(اليوم الثامن):

تحرير الاتصالات من قبضة الحوثي بين العوائق والمتطلبات

استبشر الكثير من اليمنيين خيراً عندما سمعوا تصريح وزير الاتصالات في الحكومة الجديدة الدكتور نجيب العوج كاشفاً عن سعي وزارته لتحرير الاتصالات والانترنت من قبضة الحوثي.
وهذا الاستبشار يأتي لما لقطاع الاتصالات والنت من أهمية في المجال الاقتصادي والعسكري ، إذ سيؤدي تحريره إلى تحويل الرافد الاقتصادي والنجاح العسكري باتجاه الدولة وهو ما سيجعل الحوثي يخسر أهم رافد في الموارد وأهم وسيلة لصنع الانتصار في المعارك.
يتعلق هذا القطاع بأربعة جوانب هي نفسها تمثل اربع معارك حقيقية تدور في الواقع.
المعركة الاقتصادية اذ كان هذا القطاع سبباً كبيراً لقوة الحوثي واضعاف الدولة اقتصادياً ، فتلك المليارات الكبيرة التي يجنيها الحوثي من هذاالقطاع ساهمت في عدم تدهور العملة القديمة في مناطق الحوثي بالشكل الذي تدهورت فيه بالمناطق المحررة.
المعركة العسكرية اذ ساهم سيطرة الحوثي على هذا القطاع لتحويل كفة الكثير من المعارك لصالحه وهزيمة خصومه من خلال اطلاعه على اتصالاتهم واختراقها واستخدامها في الخداع واللخبطة.
المعركة الإعلامية اذ قام الحوثي بحجب الكثير من المواقع الالكترونية المناهضة له وهو ما شكل نوع من الاضعاف للدولة إعلامياً.
المعركة السياسية اذ استخدم الحوثي هذا القطاع للتواصل مع إيران وعدة جوانب دولية لأخذ المشورات واستلام الخطط وبناء العلاقات واجراء التواصل.
تحرير هذا القطاع من قبضة الحوثي سيجعله يخسر أربع معارك ويصبح محاصر اقتصادياً وعسكرياً وإعلامياً وسياسياً.

استخدم الحوثي خطة خطيرة ومركزة للتعامل مع هذا القطاع من حيث الرقابة والاستخدام.
ففي الرقابة يقوم بمراقبة رقم الشخص المطلوب ورصد ومراقبة جميع اهله واقاربه ومن يتواصل معهم ، بحيث اذا قام بتغيير رقم هاتفه برقم غير معروف يتسنى له اكتشافه.
في الاستخدام قام الحوثي بعملية لخبطة وخداع لشبكات الاتصال عبر اجهزة من موقع التحكم في صنعاء استطاع من خلالها اجراء اتصالات بأرقام شخصيات وارسال رسائل رغم ان تلك الارقام مع اصحابها.
تقوم باجراء اتصال من هاتفك لرقم شخص تعرفه فيجيب عليك شخص آخر ، ثم تعاود له الاتصال بعد وقت ساعة او يوم فيجيب عليك الشخص الذي تريده وتسأله هل انت من اجبت عليا سابقاً وهل كان هاتفك مع شخص آخر فيجيب عليك لا.
كذلك الرسائل وفي بعض جبهات عسكرية وصلت رسائل للجنود بالانسحاب من ارقام قادتهم رغم ان ارقام قادتهم معهم ولم يرسلوا تلك الرسائل.
يجعلك الحوثي في خوف ورعب وعدم طمأنينة حتى وانت تتصل لأمك أو اختك أو زوجتك فكل اتصالك مراقب ، واذا اردت ان لا يعرف الحوثية حقيقة ما تريد فما عليك إلا ان تتحدث برموز أو تتحدث بعكس الذي تريده.

هناك عوائق امام تحرير قطاع الاتصالات من قبضة الحوثي ، ولو لم توجد هذه العوائق لتم تحريره من بداية الحرب ولكان تأخيره بمثابة تواطؤ من قبل الدولة.
هذه العوائق تتمثل في وجود نقطة التحكم في صنعاء بجانب مبنى وزارة الاتصالات ، وهذه النقطة ستعيق نقل الاتصالات إلى عدن فيما يتعلق بالاتصال الارضي وشبكة يمن موبايل التابعة للدولة ، وفي حالة انتقالها بهذه الطريقة سيقوم الحوثي بفصل الخدمة عن المناطق المحررة وتصبح بلا اتصالات.
وهنا يجب أولاً ايجاد شركة هاتف نقال جديدة بشرط تكون تابعة للدولة وليس لأي مستثمر آخر ، ثم نقل الاتصالات إلى المناطق المحررة وتعطيل نقطة التحكم في صنعاء عبر قصفها ، وهذا ما سيجعل الحوثي مرغم على الخضوع للاتصالات التي تتبع عدن وغير قادراً على ابقاء التبعية لصنعاء.

شخصياً ارفض ان يكون هتاك اي استثمار شخصي في قطاع الاتصالات وذلك لسببين.
الأول : في بلد غير متقدم كاليمن يجب ان تكون كل شركات الاتصالات تابعة للدولة بما يعود النفع على المواطن والدولة ، فتلك الارباح التي تجنيها الدولة وتصرفها للمواطن خير من ان يجنيها مستثمر ويصبح هو المستفيد الأكبر.
السبب الثاني : تبعية الاتصالات للدولة بشكل كامل يخدمها أمنياً ويغلق باب الاختراقات واتاحة المجالات للاطراف الاخرى التي تستثمر في هذا المجال وتستفيد منه في العمل ضد الدولة والتجسس عليها أو على المواطن بما يجعلها تكتشف اسرار دولة واسرار شعب وتصبح في مهمة الرقابة عليهما.

فيما يتعلق بالانترنت فالحكومة السابقة أوجدت مشروع عدن نت والكل تفائل به ولكنه لم يكن بالشكل المطلوب بما يؤهله للتوسع والبديل.
رداءة انترنت عدن نت وضعفه جعل الكثير يشكون منه في المناطق المحررة وهذا ما جعل ايراده للدوله ضعيف وعدم توسعه نحو المناطق التي لم تتحرر للاستغناء عن النت الذي يتبع صنعاء.
وهذا ما يتطلب تطوير انترنت عدن نت أولاً وجعله مواكب لقوة النت المتقدم لا ان يظل أسوأ من النت الذي يتبع صنعاء.

ايجاد شركة هاتف نقال جديدة أولاً مركزها عدن كوسيلة لوجود بديل في حالة فشل نقل الاتصالات من قبضة الحوثي حتى لا  تفقد خدمة الاتصالات بشكل كامل على المناطق المحررة أو على كل المناطق.
وحتى لا يكون تحقيق نقل بضع شركات الهاتف فقط وهو ما يصب في صالح بعض المستثمرين ولم تستفد الدولة شيئاً.
يجب أولاً نقل الهاتف الثابث ويمن موبايل التابعة للدولة قبل نقل بقية شركات الاتصالات ، اذ لم يكن هناك نجاح بنقل الثابت وموبايل فلا داعي لنقل بقية الشركات.

اذا كان للدولة قدرة على نقل الاتصالات وتحريرها بنجاح قبل ايجاد شركة هاتف جديدة كبديل في حالة الفشل ، فيا ليت ويا حبذا ان يكون على وجه السرعة  فخير البر عاجله.