محمد عبدالله القادري يكتب لـ(اليوم الثامن):
حكومة الحرب بين تجار العملة والمناصب والسلاح
كانت الحكومة او الدولة قبل تنفيذ اتفاق الرياض أشبه بشركة تجارية غير مشروعة تتاجر بساحة اليمن المحرر وتصادر وتتقاسم وتبتز الايرادات الداخلية والدعم المقدم من التحالف وفق خطة خطيرة يتم تنفيذها عبر اخطبوط يتقلد موقع مدراء المكاتب وقطاع المالية والادارية وأمناء الصناديق والتموين والتسليح العسكري ومنهم من تم تعيينه بقرار جمهوري والبعض بقرار وزاري ، وهذا ما يشير ان نجاح الحكومة الجديدة مرهون بقيام عملية تصحيح شاملة للتخلص من هذا الاخطبوط ، ما لم فلن تنجح ، فالتوافق وتعيين مسؤولين جدد في قيادة الوزارات لن يمكنهم من النجاح في ظل وجود هذا الاخطبوط المنتشر بغالبية المؤسسات واجهزة الدولة.
سر التناغم السابق بين بعض اطراف ، هو ابرام اتفاقيات على تقاسم مصالح بين الحاشيات ومصادرة جزء كبير من الايرادات وتوزيعه بينهم ، وهذا ما تسبب في ايجاد فشل اقتصادي وعسكري وفساد مالي واداري.
تجار العملة : بعد نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن قبل أكثر من أربع سنوات ، كان المفروض ان تظل الدولة محافظة على العملة وفق اجراءات تحافظ على قيمتها وتستخدمها لمحاربة الحوثي اقتصادياً ، ولكن التوجه نحو المتاجرة بالعملة عبر المضاربة وطبع عملة جديدة بدون تأمين وبشكل كبير ومختلف عن شكل العملة القديمة جعل العملة تنهار وتضعف قيمتها وخدم الحوثي اقتصادياً وجعله يتمكن من ايجاد انفصال بين العملة القديمة والجديدة.
اجراء عمليات تغيير لقيادة البنك المركزي في ظل وجود اخطبوط المتاجرة بالعملة داخل البنك لن يحقق أي نجاح ، والمفروض ان يتم اجراء عملية تصحيح داخل البنك وتخليصه من هذا الاخطبوط.
أيضاً هناك الكثير من الايرادات يتم اقتطاعها ولا تورد للدولة من نفط وغاز ، ويتم المتاجرة بها من مأرب وغيرها وتقديمها للحوثي ، وهذا ما يتطلب وجود رقابة ورصد لكل الايرادات في المناطق المحررة ليتم توريدها كلياً للدولة.
تجار المناصب : وهذا يتمثل في طريقة السيطرة على مكاتب اصدار القرار كمدير مكتب رئاسة الجمهورية ومدير مكتب رئيس الوزراء ومدير مكتب وزير ومدير مكتب محافظ ، بما يجعل لطرف واحد التحكم في ادخال القرارات لاصدارها وتعيين شخصيات في مناصب ، اذ لا يتعامل مدير المكتب إلا مع من يريد ويحارب ويعرقل من يريد وهذا ما يجعل عملية اصدار القرار الجمهوري في منصب ما تحت وزير واصدار القرار الوزاري في منصب مدير عام محصور لطرف ويجعله مستحوذاً على غالبية مؤسسات الدولة.
ايضاً هناك الكثير من المسؤولين لديهم عدة مناصب ، تجده ضابط في الجيش ومسؤول في السلك المدني.
ولمحاربة هذه المتاجرة بالمناصب يجب تغيير مدير مكتب الرئيس ومدير مكتب رئيس الوزراء وتغيير مدراء مكاتب المسؤولين التابعين للاصلاح ، ليصبح من حق الاصلاح تعيين مدير مكتب الوزير المحسوب عليه وليس مدراء مكاتب أكثر الوزارات واغلبية المحافظين ورئاسة الحكومة والدولة.
كما يجب تغيير المسؤولين الذين يشغلون عدة مناصب وعلى رأسهم باحارثة الذي يعمل مدير مكتب رئيس الوزراء ورئيس مصلحة اراضي وعقارات الدولة.
المفروض ان يكون مدير مكتب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء شخص مستقل ، وعلى رئيس الحكومة ان يبدأ بعملية محاربة الفساد من داخل مكتبه.
تجار السلاح : وتتمثل في نهب ومصادرة وبيع السلاح المصروف للجيش.
عملية الفساد داخل السلك العسكري تتم من خلال وجود اسماء وهمية وبيع الاسلحة مما يجعل الموارد البشرية والتموين والتسليح العسكري مصدر دخل ومتاجرة وتحت تحكم اخطبوط يعمل وفق هذا الاساس وهذا ما أضعف المؤسسة العسكرية وأفشل المعركة العسكرية ايضاً .
ولمحاربة هذا الفساد يجب التعامل بنظام البصمة عبر دوامي يومي داخل المؤسسات والوحدات العسكرية ، ويتم حصر كل الأسلحة التي تم تقديمها واجراء عملية محاسبة دورية.
كما يجب تغيير الاخطبوط الذي يدير الموارد البشرية والتموين والتسليح في كل الوحدات ، فعملية تغيير القيادات في وزارة الدفاع وبعض الوحدات في ظل وجود هذا الاخطبوط سيجعل الفساد كما هو عليه داخل المؤسسة العسكرية.
لن تنجح الحكومة إلا اذا تخلصت من هذا الاخطبوط ، ما لم فالفشل الذريع هو الذي سيحصل مستقبلاً وان غداً لناظره لقريب.