د.علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
صباح الخير يا وطني !!
صباح النور والعزة والكرامة يا وطني ، صباح القرى اليابسة، والوجوه العابسة، صباح الأسعار المشتعلة، وفواتير المياه "المحرقة "، والكهرباء والضرائب العالية، والغلاء، صباح النور والأمل رغم الضيق والهم، والحزن والحاجة ..صباح النور رغم الحروب المستمرة التي طوقت أعناق الشرفاء الصابرين من المساكين والمعدمين.
صباح المستشارين، والعقود والفساد، صباحاً مفعماً بضيق ذات اليد، وانكسار أحلام الفقراء، والجيوب الفارغة !!
فآه يا وطن الأحرار قد صحا الشعب فيك على مصيبة فادحة واطل على أيام سود غائرة في الإذلال، ومد الأيدي في وطني والقرى تمتلئ بالفقراء، و محافظات جنوبية ذهبها الأسود ينهب ومواردها تستنزف وتكالب عليها الفقر وسوء الحظ وضيق اليد وسؤ الحال ، وأطفال صغار لا يعرفون طريق مستقبلهم، وسياسيون لؤماء ابتلعوا كل شيء!!
في وطني بؤس يصفع وجوه الملايين، وقهراً استوطن صدوراً لطالما افتخرت بحب التراب، والكل يبحث عن حلمه، ولا يجد إلا السراب.
يا صباح الكسوف والخجل يا وطني، وطلبات الأبناء غير قابلة للتلبية، والشعب الذي ضحى وقوبل بالجحود، ولا احد يحس بمشاعره، وأيامه وساعاته الثقيلة، ويمضي في الدنيا محملاً بهمومه، وانعدام الفرج، وقد افترسته الأسماء الكبيرة المتنفذة والجبروت .. واشتعل غضباً وصار بلا صفاء وتكدرت أيامه وتبخرت أحلامه .وفيه جوعى يستدينون ثمن الخبز، وبيوت وجبة غذائها الرئيسية الخبز والشاي، وطلاب جامعات لا يجدون ثمن الكتب والمراجع والرسوم ، ولا يدرون كيف يكملون دراستهم، وعاطلون عن العمل مسكونون بحلم وظيفة بأي راتب لإطعام أسرهم وهم صابرون ولا يلتفت إليهم أحد وموارد بلادهم ينهبها الطغاة ويتمتع بها اللصوص فلا يجدون حتى الفتات ، فسلام على جرحك يا وطني، سلام على الجيوب الفارغة، سلام على من يعشقون التراب المالح والليالي الثقيلة ، على أناس طيبين، قلوبهم ا لمفجوعة من اثر القراراتّ الظالمة وأحلامهم المصادرة !!
وصدق فيهم قول الشاعر فاروق جويده الذي قال:
الآن يا وطـني أعود إليك تـوصد في عيوني كل باب.. لم ضقـت يا وطني بـنـا قد كـان حلـمي أن يزول الهم عني.. عند بابـك قد كان حلمي أن أرى قبري علي أعتابـك الملح كفـنني وكان الموج أرحم من عذابـك ورجعت كـي أرتاح يوما في رحابك وبخلت يا وطني بقبر يحتويني في ترابك فبخلت يوما بالسكن والآن تبخـل بالكفـن ماذا أصابك يا وطـن ؟؟!! ولكنني أقول :
لا تحزن يا وطني ...و لا تعلن الحداد ...فمازال في الأمة رجال
لا تحزن يا وطني ....رغم كل الدم المسكوب ... و المال المهدور... والفساد المنثور
لا تحزن رغم كل هذه الطاقات المهدورة... والآهات المنشورة.....و الثروات المبتورة
نعرف مرارة جرحك.. وعظمة مصابك ..نعلم إن كرسي الشرف حجب عن الشرفاء
وصار يجلس عليه عدمي الضمير...ندري إن الأقزام صاروا علية القوم...
والظلمة قضاته....والسراق على بيت المال مسئولين ........والجهلة فيك مرشدين.
ندرك.. إنك تئن من وطأة أقدامهم التي داست على أمجاد الشرفاء
نعلم .. ألم كل هذه الأحزان ... و الآهات التي تعانيها
لا تحزن يا وطني ... رغم كل هذه الجراح و الأتراح
فمازال فيك الشرفاء.....فبنت جمال عبد الناصر وأحفاد أبو مدين وعمر المختار ما زالت شعلتهم مضيئة وحرائر الجنوب مازلن قادرات على الإنجاب .. ورغد تدخر أبوها إلى يوم ما... و من أنجبت القسام وأرسلان لم تعقر بعد...!!
فالأطرش فيك مقام ..والكسيح فيك مجاهد..و الطفل فيك ثائر....و حورياتك على درب الشهادة وبوابة الشرف ،وأقول لخونة الوطن صدق فيكم قول الشاعر:
ولست أدري وقد باعوك يا وطني
أبكيك بالسر أم أبكيك بالعلن
حتى الدموع التي تروي فجائعنا
باتت تجارتهم في آخر الزمن
د. علوي عمر بن فريد