د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

أبناء الجنوب لا يقرؤن التاريخ !! (الحلقة الثانية والأخيرة)

في الحلقة السابقة تناولنا أوجه القصور و تقصيرنا في قراءة التاريخ وأخذ العبرة منه ، أما في هذه الحلقة سنتناول ما يجب علينا فعله للوصول إلى بر الأمان وأخذ العبرة من الماضي للعبور إلى المستقبل ونقول :
بالعودة إلى التركيبة السكانية للجنوب العربي الذي تشكل القبائل الأغلبية الساحقة من سكانه بالإضافة إلى صعوبة التضاريس الطبيعية والخوانق الجبلية قد أدى ذلك كله إلى عزل الإمارات الجنوبية عن بعضها البعض ورغم أن الحواضر الجنوبية الكبرى مثل :
عدن – المكلا – لحج – زنجبار – كانت تميل إلى الحياة المدنية وسهولة انصهارها في الحياة المدنية والعصرنة ...في حين ظل سكان الجبال منغقلون على أنفسهم ويميلون إلى البداوة والتعصب القبلي والعدوانية إلا أنهم كانوا يحتكمون إلى الأعراف والتقاليد الصارمة والشيم الأصيلة التي يطبقها شيوخهم بحزم مما خفف من كبح جماح المتهورين من قبائلهم ورغم ذلك كله استطاع سلاطين وأمراء الجنوب في ما كانت تعرف بالمحميات الغربية من تأسيس أول بناء وحدوي في التاريخ الحديث والذي كانت الريادة فيه للإمارات والسلطنات التالية :
سلطنة الفضلي – سلطنة العواذل – سلطنة يافع السفلى – إمارة بيحان – إمارة الضالع – مشيخة العوالق العليا وخليفة .
وكانت تلك الإمارات الست هي المؤسسة لاتحاد الجنوب العربي ثم التحقت بها باقي المحميات الغربية الأخرى , إما المحميات الشرقية سابقا وهي :
سلطنات : الكثيري – القعيطي – المهرة وسقطرى فقد ظلت خارج الاتحاد الفيدرالي حتى الاستقلال عام م1967 والسؤال الذي يطرح نفسه الآن :
كيف استطاع حكام إمارات الجنوب العربي أن يرتقوا لتحقيق وحدة فيدرالية للجنوب العربي وتنازلوا لبعضهم البعض في حين فشلت الأحزاب الجنوبية التي تدعي الحداثة والعصرنة وترفع الشعارات في حين نجح خصومها الذين طالما نعتتهم بالتخلف والرجعية ؟!!
إنني اجزم أن محبة سلاطين وأمراء الجنوب لشعبهم أفضل وأرقى من زعماء الأحزاب السياسية الجنوبية التي جلبت لشعبنا الفرقة والشتات والقتل والدمار وخاصة ( الجبهة القومية ) أو من سمت نفسها لاحقا بالحزب الاشتراكي اليمني !!
وأقول بصدق أن سلاطين الجنوب العربي كانوا قادة أوفياء لشعب الجنوب وكانت نظرتهم ثاقبة ونياتهم صادقة وكانوا ابعد نظرا من زعماء الأحزاب السياسية الجنوبية مجتمعة والدليل على ذلك بنائهم لوحدة الجنوب في حين فشل الحزبيون في التفاهم بينهم حتى اليوم !!
وقد يقول قائل : كيف تدعوا أبناء الجنوب لتوحيد الصفوف وأنت تستحضر الماضي بكل جراحه وتشن في كتابتك هجوما لاذعا على الحزب الاشتراكي اليمني !!؟
وارد بالقول : نعم والسبب أن المآسي التي خلفها الحزب لازالت أثارها في كل بيت في الجنوب حتى يومنا هذا !!
وبصراحة أكثر هذا الحزب مدين لشعب الجنوب بالاعتذار عن كل الحماقات التي ارتكبها خلال حكمه وهو في نظرنا ( مدان ) بكل الجرائم التي اقترفها في حق رفاقه و قياداته التاريخية المؤسسة منذ الاستقلال وحتى 13 يناير عام 1986م . وسؤال آخر قد يبرز في هذا السياق وهو :
كيف ندعو لرص الصفوف والتوحد كالبنيان المرصوص ونحن نفتح الملفات القديمة؟؟!! وأقول : رغم الجروح الراعفة التي حفرها الحزب في قلوبنا والشروخ النفسية والكوارث التي عمت بلادنا ( الجنوب العربي ) وفقد الآلاف من آبائنا وإخواننا الذين أزهقت أرواحهم في انتقاماته التصفوية وحساباته الغادرة رغم ذلك كله فإننا مستعدون لطي صفحات الماضي بكل آلامها وجراحاتها في سبيل عودة الجنوب العربي الذي أضاعوه في لحظات الطيش والحمق والأحلام المريضة والهوس بالسلطة ، إلا أننا مع الأسف الشديد نتابع بعض رموز الحزب الماركسي لا زالوا يبعثون برسائل الحنين والطاعة والولاء لباب اليمن ، وهنا نسأل هؤلاء القادة أليس من الأجدر أن تتصالحوا وتتسامحوا بينكم معشر قادة الحزب الطليعي أولا ثم تعتذرون لشعب الجنوب وتعترفون بأخطائكم الجسيمة في التفريط بشعب الجنوب أرضا وإنسانا وهو الذي لا زال يدفع ثمن أخطائكم ألقاتله حتى اليوم ؟؟!!
بل وتعترفون أنكم من تسبب له في مسلسل الدم من عام 1963م وحتى اليوم ليس هذا فحسب بل وتعتزلون نهائيا الحياة السياسية ..هل لديكم الشجاعة لفعل ذلك ؟!!
ونحن بالمقابل كشعب يجب أن نصحح مساراتنا في استعادة الجنوب وإخلاص النيات بالقول والعمل دون إقصاء احد أو تهميش احد من جميع مكونات شعب الجنوب بما في ذلك القيادات التاريخية من سلاطين وأمراء ومشايخ ورؤساء ورجال دين وعلماء وأكاديميين وقادة أحزاب سياسية ومكونات مجتمعية من كافة الطيف الجنوبي ..ما عدا من تلوثت أياديهم بدماء شعب الجنوب ومن لهم سجل إجرامي معروف .. كما أننا مستعدون للتصالح والتسامح مع الجميع شريطة أن يقوم الحزب الاشتراكي باستعادة عناصره المتمردة التي لازالت مرتمية في باب اليمن كما نطالب الحزب بالكف عن الفوقية والاستعلاء على شعب الجنوب وتخلي قيادته الهرمة عن العمل السياسي ويكفي تلك القيادات ما سببته من ويلات ودمار لشعب الجنوب ويشارك بدلآ منهم رجال لم تتلطخ أياديهم بدماء شعب الجنوب !!
ولا يكفي شعب الجنوب خطابات التصالح والتسامح وعفا الله عما سلف بل
إنني ادعوا الجميع من أبناء الجنوب إلى العمل معا وتوحيد صفوفهم لاستعادة وطنهم ولا تنقصهم الشجاعة ولا الإرادة ولكن ينقصهم النية الصادقة وصفاء القلوب وعلينا السعي لتجاوز الماضي والعمل على تأسيس وحدة فيدرالية جنوبية على أساس المحافظات الست القائمة حاليا ويكون لها مجالسها المحلية من أبنائها وإعادة تشكيل دولة الجنوب العربي الاتحادية المستقلة غير مرتبطة بباب اليمن ، وتكون نسبة التمثيل فيها حسب الثقل السكاني والثروة التي فيها ولكل محافظة ،وبناء دولة الجنوب العربي المستقلة بصورة عادلة يشارك فيها الجميع .
د. علوي عمر بن فريد