د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

وطني صرخة ألم !!

كيف ننسى المآسي والأحداث المزلزلة التي عصفت بالوطن الجنوبي الجميل منذ الستينيات من القرن الماضي ؟؟!! ماذا أقول عن جيلنا الذي عاصر نكبة وطنه الجنوب العربي على أيدي الطغاة والبغاة من" الحزب الاشتراكي " كيف ننسى ذلك عندما كنا في مقتبل العمر كالزهور اليانعة !!؟؟
كيف ينسى جيلنا عندما صادروا أحلامه وبددوا آماله وسحقوا كيانه وزلزلوا أركان حياته ..بل واقتلعوه من أرضه ووطنه.. عبر الحدود آلاف الشباب و الرجال وآلاف الأطفال والنساء ..وأصبحت تلك الجموع خارج الوطن وأسواره لأن حكامه الجدد لا يرغبون في بقائهم بل وأنكروا عليهم البقاء للعيش في وطنهم بعد أن قتلوا فرسانهم وشجعانهم وصادروا أحلامهم ومنعوهم من البقاء داخل وطنهم .. واستأثروا بالسلطة لحزبهم العتيد الذي استلم الجنوب على طبق من ذهب بعد أن تآمر مع أسياده الانجليز المستعمرين الذين أدعوا أنهم وحدهم حاربوهم وأنكروا نضال شعب الجنوب خلال قرن كامل .. والحقيقة أنهم وحدهم تآمروا مع الإنجليز على اغتيال الأحرار والشرفاء و الوطنيين من رجال الجنوب الذي باعوه أرضا وشعبا مقابل جلوسهم على نفس كراسي أسيادهم الانجليز..!!
قد يقول قائل : إلى متى ونحن نتذكر أحزاننا وقسوة السنين التي لا زالت مرارتها في حلوقنا ..وفقدنا آبائنا وإخواننا وشبابنا وهم يتساقطون بالرصاص أمام أعيننا ..ويذوون داخل السجون ويموتون ولا نعرف قبورهم حتى اليوم ؟؟!!
المشكلة ليست في الانتقام على ما سبق من إجرام حزبهم السابقة ومن الممكن طيها والتسامح معهم ولكن المشكلة أن دهاقنة هذا الحزب المجرم كالنفايات التي يعيد أعداء الجنوب تدويرها كلما انتهت صلاحيتها لأنها جبلت على الخيانة والتآمر وتبيع نفسها للشيطان لأنها نبتة شيطانية ولذا تجدهم يعرضون الحلول والاقتراحات لأعدائنا في كل مقام ومقال وفي كل وقت وحين ..لا يهمهم سوى مصالحهم فقط !!
فكيف نوليهم ثقتنا من جديد وهم يطعنون من الخلف ؟؟!!
كيف نثق فيهم وفي رموزهم الفارين بثروات الشعب وهم لا زالوا يسوقون أنفسهم ويلمعون أتباعهم وعملائهم بل وحتى أبنائهم المترفين ؟؟!!
عندما أكتب وأنا في المهجر عند محاكاة الوطن، قلمي لا يخط إلا الألم و أكتب لغة لا يفك طلاسمها إلا الحنين، أبجديتها شوق و مفرداتها أنين و مدادها دمع العين.
كلما مالت النجوم إلى الأفول وزادت حلكة ليل الغربة يتمثل لي و جه أبي وخيال آلاف الشهداء في صفحة سماء المهجر الكئيب ليذكروني بأن وراء بريق الأمصار و الأوطان يوجد وراء الأفق هناك بين كثبان الرمل وزرقة البحر وطن مسلوب، يبقى وطني حصل و صار …!!
وطني بكيت فيه بكاء الغائب على الكادحين و المعدمين ذات شتاء، وطني ينحت اليوم بسكين التطرّف و الإرهاب الذي قطع الأوصال، من يومها أمارس حق الرفض على وطن باعه تجار الخراب في سوق الجملة للدماء الرخيصة و الأرواح التي لا تساوي حفنة تراب.
و طني ذلك الشبح الذي يعكر سكون ليلي بآهات الأشباح، تلك الفئة المغيبة من المواطنين التي لا عنوان لها سوى أمل أم يحرقها طول الانتظار و هي تنظر لصورة ابنها اصفرت من الغبار!!
و طني سؤال لم أجد له جوابا، وطني يرزح تحت وطأة الذئاب فتحول إلى مسلخ كبير تنحر فيه القيم و تقام فيه طقوس سلخ الكرامة و تكسر فيه الهمم و طني صرخة ألم !! أنا المفتون به أسمعها من وراء البحار و من فوق القمم … سيقال عني مجنون يسمع الصراخ و الأنين حيث الراحة و السكون، وطني صرخة مظلوم و طني دمعة محروم، و طني بلاد جيل مهزوم…. في غربتي ألبس فوطة رجل مقهور ثار على واقع كله ظلم وجور و هو يهذي”وتبقى مآسينا صامدة” !!
هكذا أحاكي وطني في غربتي حيث تعلمت أن أكون إنسانا يعيش ليحيا أخاه الإنسان، و طني صرخة ألم.
د. علوي عمر بن فريد