حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):
معضلة الإنتخابات!
المتابع للمشهد السياسي عموماً يرى أن القوى السياسية في البلاد قد بدأت تعد العدة للنزول لخوض معركة الانتخابات القادمة ، يغذي جميعها طموح الظفر بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية و كراسي المجالس الجماعية الحضرية منها أو القروية ، ليس رغبة من المرشحين لها في إحداث تحسين في الوضع السياسي العام ، أو تغيير في الخارطة السياسية ، يؤدي الى كسر سطوة المتنفذين الماسكين بزمام القرارات الاجتماعية والاقتصادية المصيرية ، والدفع بمن لا تؤرقهم معاناة وعذابات الناس مع الغلاء الفاحش، والفقر المدقع، والجهل المقيث، والتهميش والإقصاء ، - والموجودين بداخل جل الأحزاب السياسية- إلى الإتمام بأوضاع الناخب ووضع حمايته وتحسين أوضاعه غايتهم القسوى ، بدل الاقتصار على خدمة مصالحهم الخاصة ومصالح اللوبيات والوسطاء والانتهازيين والوصوليين ومزوري الانتخابات ، الذين يخلقون بتصرفاتهم الانتهازية الوصولية ما تعرفه الساحة الإنتخابية من أجواء انتخابية ضبابية قاسية ، تؤثر سلبا على الحقل السياسي ، وتؤدي بالمواطن إلى النفور من العملية الإنتخابية ، التي تنخرط الأحزاب في صراعاتها المكشوفة بكل الوسائل والادوات المستهلكة والتي بدأت الإستعدادات لحربها ، التي اعتدنا عليها سابقاً والتي كان من ابرز سماتها تقمص الفرص ، واستعمال الرشا والتزييف والفوضى ، والاستهداف الشخصي للمرشحين والتعرض "الباسل"-بدارجتنا المغربية- لزعماء الأحزاب وعائلاتهم، والتشكيك في مشاريعهم - إن وجدت عند بعضهم - واستغلال حاجات الناخبين وضعفهم لإرهاب جزء منهم وتنيه عن المشاركة في الاقتراع ، وارغام آخرين على التصويت لهم ، كل ذلك وغيره تحت ذريعة الحرية والديمقراطية الإنتخابية المزيفة، التي يتم تفصيلها حسب الاهواء والرغبة..
فهل ستشهد الإنتخابات القادمة ذات الاساليب القديم الذي هيمن على العمليات الانتخابية السابقة ولقرون طويلة ؟ ام أن بعض الكتل الحزبية ستتحفنا بأساليب انتخابية مبتكرة ، وادوات دعائية جديدة ، لم تستخدِم سابقاً، تأخذ على عاتقها مهمة تهشيم القديم بكل مفاهيمه وقيمه البالية والشروع في الحداثة التي يفرضها بلوغ التجربة الإنتخابية بالمغرب سن الرشد ، نتيجة التطور العلمي والتكنولوجي وما راكمته من تجربة ومعرفة في الميدان ..
ما أظن أن الأسلاليب الانتخابية لن تكون مفاجئة في الاستحقاقات المقبلة، أو مختلفة عما استخدم منها في الانتخابات السابقة ، لأن أنانية أكثرية المترشحين ، وطموحهم الجامح وتهافت غالبيتهم على المقاعد الانتخابية دون مبالاة بما تتطلبه من شروط ومؤهلات الكفاءة والقدرة ، لن تسمح بأي تغيير في الأسلاليب ، وغالبا أنها سعزف خلالها جميع الأطياف السياسية على نفس السمفونية المشروح حول الاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد ، وغيرها من الوعود المثيرة للسخرية التي تبقى كلها وعود عرقوبية بلا حلول جذرية ، أو خطط جدية لحلحلة الأوضاع المتأزمة، أملاً في فكها.
ويبقى اغرب معضلة من معضلات الإنتخابات ، هو الإيمان المضحك المبكي ، إصرار المترشحين على الاستمرار في تحمل مسؤولية تدبير الشأن المحلي والوطني ، رغم يقين أكثريتهم التام والراسخ بعجزهم على تدبير أي شأن من شؤون الناس، والأغرب من ذلك ، هو اعتبار بعضهم نفسه أنه أهل لها وأحق بها ، دون أن يخجل من طمعه..