د. عيدروس النقيب يكتب:

الفنان رائد طه… عندما يذوي الجمال وتضمر شجرة الفن

كنت أتابع الحلقة ١٩ من المسلسل العدني الجميل “فرصة أخيرة” لمخرجه الأجمل عمر جمال، عندما كان المحامي فتحي (وهو الدور الذي لعبه الفنان المرحوم رائد طه)، يحاول الحصول على أية معلومة لتبرئة الشاب  إياد ابن صلاح وفاتن، مالكي معمل الملابس، مما نسب إليه من جريمة لم يرتكبها وهي التي ادخلته السجن ظلما وعدوانا، حينما فوجئت بالشريط الإخباري للمحطة عدن المستقلة  التلفيزيونية (AIC) يذيع خبر وفاة احد أبطال المسلسل الرائعين، الفنان رائد طه.
في هذا العمل لعب رائد دورا جميلا ومميزا وجادا، وهو دور المحامي فتحي الذي عليه أن يتصدى لعتاولة الفساد، والمغتصبين ومبتزي الفقراء وملفقي الجرائم من كبار المسؤولين وشركائهم من التجار الطفيليين.
وبجانب ذلك كان على المحامي فتحي أن يقوم بمهمة رعاية بناته اللواتي فقدن أمهن  ليتولى فتحي مهمات الاب والأم.
في هذا العمل المميز ظهر فتحي، نصيرا عنودا للحق، متمسكا بروح القانون مدافعا وفيا عن الفقراء شجاعا لكن بسيطا، ماهرا لكن صبورا مبدعا لكن متواضعا.
ومع إنني كنت شاهدت له ادواراً اخرى في مسرحيتي، “معك نازل” ، و”كرت احمر” وغيرهما، وكل دور كان فيه رائد رائدا بحق، إلا إن دوره في “الفرصة الأخيرة، كان مميزا بتفوق.
ستكون لي وقفة أخى مع هذا المسلسل الذي اعتبره من أكثر الأعمال التلفيزيونية جودة ودقة ومستوىً، لكنني في هذا المقام اعبر عن حزني لوفاة الفنان رائد، في هذه اللحظات التاريخية، التي يحتاج فيها الوطن لكل صوت مبشر وكل مشهد ناقد، وكل لقطة معبرة وكل لوحة تعبر عن الأمل والحق والحب والجمال.
وفاة الفنان الجيل رائد طه، خسارة كبيرة للوسط الفني والثقافي ولكل محبي المسرح والدراما والفنون عموما، وهو خسارة وطنية كبيرة لفقدان ممثل بارع كان يمكن ان يقدم الكثير من أعمال الفن النقدية والكوميدية والتربوية والإرشادية.
وفاة الفنان رائد طه تلخص الوضع المأساوي الذي وصل إليه حال الثقافة والفن والفنانين، ما يجعل الفنان وهو يكافح من اجل العطاء والإبداع يقف في طابور الموت دون ان يحظى بقدر يسير من الرعاية والاهتمام مما يحظى به الفاسدون والمفلسون والعابثون ومقربيهم لا لشيء إلا لانهم على مقربة من صانع القرار وحارس الخزينة العامة.
رحمك الله يا رائد وأسكنك فسيح جناته وألهم اهلك ومحبيك وكل رفاقك وزملائك وجماهيرك ومعجبيك الصبر والسلوان
وعزاؤنا أننا ونحن نودعك نستحضر اعمالك الرائعة وأدوارك المميزة ونستلهم منها العبرة والقيمة والمثال مما يبقيك حاضرا في وجدان محبيك،
وإنا لله وإنا إليه راجعون .