مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):
التغيير في إيقاعات البنادير
متنفَّس سياسي ما جرى كما سيجري وَكَفَى ، أما المهم سلَّط عليه مَن سلّط النِّسيان بالدهاء وعنه عَفَا ، فانسلخ كل مناضلٍ مُوَقّرٍ مِن جِلد تفاؤله واختار موقعاً داخله اعتكف ، عسى موسم الانتخابات المقبلة ربّما من البكاء على الأطلال السياسية بدونهم اكتَفَى ، وسبحان المُعطي والآخذ العالم بمَن فاز ومَن فشل حتى بمن عن التصويت تَخَلَّفَ ، مَن صَادَق بضميرهِ مؤدِّياً الواجب الوطني ومَن خالَف َ، مَن باع ذمَّته بدُرَيْهِمات وهو غير مسجَّل في القوائم الانتخابية وإن سُئِلَ عن الموضوع بيُسْرٍ ساخراً اعترف ، ما هَمَّه تأنيباً ولا لإصلاح ثقافته السياسية هَفَا ، مادام الحزم غائب والجديَّة في عطلة والتغيير المفيد للطريق القويم ما عرف . الأيام سالكات بيننا لنٌرِيَ ذات سُوَيْعَات فيهن مَن أَشْرَف ، لتمرير نفس التقنيات ليظل الوضع كما هو بصورة مُشرِّفة ، لغاية زمن في علم الغيب كان للحالة القادمة مُسْعِفَ ، لحكمة مُقدّرة عنها ما تجاوز ولا أمره الدقيق عن تنفيذ محاسنها غَفَا ، لا تحدِّدها كلمات بعض أحزاب سياسية للقهوة في المقاهي مُرتَشِفَة ، ولا تُسارع بتقريب بوادرها تصرفات زعمائها بمواقفهم المرتجفة ، عن فُفدان ما يتمتعون به من دعمٍ مباشر وغير مباشر خائفة ، فترضى سياسياً حتى بشبه الحلول المجحِفة ، تخرج صارخة في الشوارع والحارات بشعارات جلّها للحقيقة مُزيِّفة ، تضحك بها عمَّن يضحك عليها ويزيد بضربها على القفا ، لتبدو في الهواء الطلق كالمُلوّث مُبَعْثَرَة الشَّمل راكضة ميمنة وميسرة مزكية قبح المظهر باليّأس الكلّي ممَّن لاحقا لرصيدها النضالي أَضَاف .
... مساكين مَن ظنوا أنهم نجوم المرحلة (أي مرحلة) أسياد جُدد بوجوه دمها في الجوهر ينزف كما في السابق عند السطح نزف ، فاسِحاً المجال لاصفرار فيه وعنه اختلف من اختلف ، من فصائل سياسية مُبهمة وأخرى لَحِقَها الخريف ، قد يختلط الحابل بالنابل ربما لتعود ذات المرحلة لحفرة أعلاها شَفَا . الحِسّ الوطني بلسم ينعش الاندفاع المشروع لترصيف مفترق الطرق المؤدي مهما كانت اتجاهات الظروف لتوحيد الصفوف وترتيبها صَفاً صفاً ، كالبارحة مثل اليوم في بداية الانقراض على أيادي لحفر خنادق تتوارى عند قعرها القيم المغربية النبيلة لا تتوقف ، كأننا نواجه مَن لم يعُد مهتماً بجيلنا مُتجاهلاً ما بدلناه حِفاظاً على " حب الوطن من الإيمان"من آفة التلف ، بل سعى بكل جهد استبدال ثقافتنا السياسية الواقعية الداعية للإبقاء على الثوابت مهما عما بعض أجزائها نوعا من الخلاف ، إذ القضية أسمى من مجرَّد منافع انتخابية تسوق البعض لسوق التجديد بالقديم المُستَهلَك المُتزاوج البالي المحسوب على الأمس الذي لا يستحق على شبه انجازاته أي أسف ، وإنما رُؤَى تتجنَّب أنانية المتغطرسين المُعتقدين أن الديمقراطية على النمط المغربي نافعة لأبعد حد وصولا لثالثة مضاف لها من السنين أَلْف . لقد أدركنا كُنه معاني الهمزة كعلامة فوق حرف ، فلما الرجوع للعَدِّ مِنَ الأَلِف ، والمستقبل المنشود لا نلجه إلاَّ بما تركه فينا خير سَلَف ، مواعظاً حكيمة وقبلها علوماً منتجة وبَعْدَها تربية أقامت في هذا البلد سلوك الاستقرار الايجابي والتحية عن أدب جمّ واحترام بأبلغ سلام وأنظف كف ، وإنهاء ما سبق بالاعتماد على النفس لاستحقاق لقب خير خَلَف . ما ستفرزه الانتخابات المقبلة لا يعكس حقيقة اختيارات كل المغاربة ولا حتى جلهم بل أقلية قد تصل لربعهم ومع ذلك سيحترمون كالعادة ما تتولد عنها من جماعات قروية وحضرية وبالتالي الإقليمية فالجهوية على أمل أن تتبادل هذه الأخيرة نفس الاحترام مع المغاربة جميعهم بما قد تقدمه لصالحهم من خدمات في مستوى ما تبقَّى من طموحات جيلٍ لم ينعم قط بالعيش داخل مغرب حق وقانون يعمه الانصاف .