مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

المبادرة السعودية : الجزرة التي تسبق العصا 

لم تنجح كل الوساطات  الإقليمية  والدولية في ايقاف  حرب الحوثيين ضد كل شيء في اليمن ، ضد الدولة و المكونات السياسية والقبلية والمدنية ، وضد التعليم والدين والاقتصاد والعملة والموانئ ، ضد خدمات المواطن وصحته وقوته ....الخ ، حتى ان الحوثيين  ضموا الى قائمة حربهم  سفن الدول الاجنبية في البحار اليمنية والدولية  ومدن ومطارات ومنشآت نفط دولة السعودية ،  الدولة التي تشترك مع اليمن في حدود وتاريخ وثقافة مشتركة وبأقدار متشابكة وعلى شبة جزيرة واحدة وتربطها علاقات  مصاهرة اسرية مع شيوخ القبائل في الشمال و مصالح اقتصادية مع كل اليمن (علاقات تجارية وتصدير  واستيراد منتجات متبادلة ) .
المبادرة  السعودية  الأخيرة بالفعل هدفها وقف الحرب  وخلق الظروف الضرورية لتسوية طويلة الأجل للأزمة واستعادة الهدوء في اليمن والسعودية، لكن ماذا عن البند ( المرحوم ) في المبادرة ،  الذي يحمل عنوان المرجعيات الثلاث ومن سيعيده الى الحياة ؟ ، هل ستقبل طهران بها ؟ و هل ستتفق  فصائل التشكيل الحوثي على المبادرة ؟ ، ام انها ستكون مثل سابقاتها من المبادرات و الاتفاقات ، التي تمتد من مفاوضات الحكومة اليمنية وجماعات الحوثي في اول اتفاق صلح  لم يكتب له النجاح في صعدة (2006)  ، الذي احتوى على بعض التنازلات التي قدمها الجانب الحكومي من أجل تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والمحلية حينها ، ومن ثم اتفاق الدوحة (2008) ، تلاه اتفاقية السلم والشراكة (2014) ثم مفاوضات جنيف  (يونيو2015) ، ثم مفاوضات جنيف2 (ديسمبر 2015) ثم مشاورات الكويت (2016) جنيف انتهت قبل أن تبدأ (سبتمبر2018) ، ثم اتفاق استوكهولم (ديسمبر2018) .

 مبادرة السعودية الجديدة تحمل في طياتها وبشكل لا يقبل الشك مفهوم (العصا والجزرة )  واشارة إلى لغة الواقع للقوة الناعمة والقوة الصلبة ، وفي هذا السياق تشير الجزرة السعودية ، الى الوعد والنية بالفعل في المساعدة على انهاء الحرب وتقديم مساعدات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية و وقف الطائرات المسيرة العشوائية نحو الاراضي السعودية  ، بينما قد تكون العصا تهديدًا بعمل عسكري كبير،  بعد ان حصلت على التأييد الدولي والاقليمي  الكبير على حقها في الدفاع النفس والتنديد  بهجمات الحوثيين ضد الاهداف المدنية والاقتصادية ، واخيراً الدعم للمبادرة السلمية الاخيرة ، التي ستحدد بوصلة الاوضاع في المستقبل القريب ، اما  نحو حسم عسكري ام حل سياسي سلمي.

مبدأ العصا والجزرة او الثواب والعقاب هو تعبير مجازي خليط للحث على السلوك المرغوب ،  مصدره أوروبا ، عندما كانوا أهلها يروضون البغال والحمير باستخدام العصا والجزرة ، بحيث يتم وضع الجزرة تتدلى أمام الحمار ، وعصا بيدٍ أخرى ، فيسير الحمار إن طاوع الجزرة وإن عصى فله العصا .