عبدالواسع الفاتكي يكتب لـ(اليوم الثامن):

فرص السلام مع المليشيات الحوثية الانقلابية !

الأزمة اليمنية في صورتها الحالية الخشنة المتمثلة بالحرب ، تعود أسبابها إلى أن الدولة كانت محل نزاع بين كافة القوى السياسية والاجتماعية اليمنية ، بل إنها صارت أداة من أدوات الصراع ؛  أي أن الدولة لم تعد محايدة أو مرجعية للفصل في الصراعات السياسية والاجتماعية .
لا يمكن تجاهل التدخل الخارجي في اليمن ، وأثره في كل ما يحدث الآن ، لا نستطيع إنكاره ، وإنكار دوره السلبي في جعل الأطراف اليمنية وكلاء لمصالح خارجية ، أو أدوات ارتهان لأطراف إقليمية أو دولية .
من الضروري أن نربط الأسباب بمسبباتها ، فما يجري الآن هو ناتج عن انقلاب المليشيات الحوثية على المرحلة الانتقالية ،  بعيد انتخاب هادي رئيسا خلفا للراحل صالح ،  بموجب المبادرة الخليجية ، حيث سيطرت  تلكم المليشيات على مؤسسات الدولة بقوة السلاح ، ومزقت النسيج الاجتماعي ، مؤسسة لصراع طائفي مذهبي، عبر تبنيها النسخة الإيرانية الخمينية ، مما فتح الباب للتدخل الإقليمي  في اليمن ، الأمر الذي جعل اليمن مسرحا للاعبين إقليميين ودوليين ،  وحرف بوصلة النزاع من نزاع داخلي يمني محض ، لنزاع خارجي أصبح فيه اليمن واليمنيون مجرذ أحجار في رقعة شطرنح .
انقلبت المليشيات الحوثية ودمرت مؤسسات الدولة ، وجعلت اليمن ومستقبل اليمنيين ، مرهونا بتحقيق مطامع إيران ومصالحها في المنطقة ، مع استمرار صراع طهران مع دول الخليج على خارطة النفوذ في شبه الجزيرة العربية ، ورفضت ومازالت أي دعوة للسلام،  مصرة على فرض رؤيتها لإنهاء الحرب ؛ المتمثلة بتطويع اليمنيين لمشروعها المتماهي مع المشروع الإيراني في المنطقة ، أسوة بما تقم به إيران في سوريا والعراق .
نفذت المليشيات الحوثية انقلابها بحجة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ، وهي التي انقلبت عليه ، وعلى كل التوافقات اليمنية ، نقضت أكثر من سبعين اتفاقا ، وفي كل محطة حوار معها ، تستريح قليلا ؛ لتعاود الالتفاف على كل حوار أو تفاوض ؛  لتدخل اليمن في أزمات متكررة ومتلاحقة ؛  ليستمر بقاؤها معطلة أي محاولة للخروج من عنق الزجاجة .
أي حديث عن حل سياسي أو مصالحة وطنية ، دون أن ننتزع مؤسسات الدولة من أيدي المليشيات ، وينزع سلاحها الذي استولت عليه ، ونهبته لتقاتل به أبناء الشعب اليمني ،  يعد طحنا للهواء ، أو محض هراء لا أقل ولا أكثر .